ليس لي بصديق من يختار لي غير ما اخترت لنفسي، وأنت تخذلني تخذيلاً فضيعاً كلما لقيتني، لأنك تحاول تهوين نعمة الله في قلبي، وأنا اعتقد أني من الله عليهم بنعمة التوفيق، فله الحمد وعليه الثناء
أتريد الحق؟
الحق أنك تحاول الدفاع عن كسلك بأسلوب ملفوف، فأنت تهون من شأن الجهاد الأدبي بحجة أنه قليل الربح، وتلك حجة واهية، فللجهاد الأدبي أرباح أيسرها الشعور بقيمة الجهاد، ولو كان لي أمل في تقويمك لذكرتك للمرة الأولى بعد آلاف بأن حياتك صارت غاية في الهزال، وأنك لا تستحق اللقمة التي تاكل، ولا الخرقة التي تلبس، وما أنفقه أهلك وأنفقته الدولة في تعليمك وتثقيفك قد ضاع إلى آخر الزمان
عندك ألقاب علمية، وبيدك وظيفة رسمية، ولكنك على نفسك وعلى الوطن بلاء
كيف يجوز أن تمر أيام وأسابيع وشهور وأعوام ولا تقرأ لك بحثاً جيداً أو غير جيد، ولا نسمع من أخبارك غير البراعة في تسقط أخبار الناس، ولا نلقاك الا في القهوة أن أردنا أن نلقاك، ولا نأخذ عنك غير المعلومات السخيفة عن الدرجات والترقيات؟ وكيف يكون كل همك أن تسألني عما بيني وبين الرؤساء من صلات، ولا يخطر في بالك أن تسألني عما بيني وبين الله من صلات؟
وتعيب علي أن اقضي أيامي في نضال وصيال، فما الذي غنمت أنت من قضاء دهرك في التلطيف والتظرف، بمصانعة هذا ومجاملة ذاك؟
ما تذكرت ماضيك إلا تحسرت وتفجعت، فقد كنت فتى مرجو المخايل، وكان جهادك في طلب العلم مضرب الأمثال، فكيف وقع حجر الخمود فوق رأسك فشطره شطرين، شطراً للنميمة وشطراً للاغتياب؟
وأنا مع هذا أحبك وأحفظ عهدك، ولكن كيف أتقي شرك، يا شرير؟
أن لقاءك يؤذيني أعنف الإيذاء، لأنه يربيني في العدل، فما يجوز لمن يكون في مثل حالك من تعطيل مواهبه الأساسية أن يجد القوت