وأنا أرى أن مسالة المياه قليلة الأهمية، لأن حياة السودان في تحدر مياه النيل إلى الأراضي المصرية. ولو وجد السودان من يساعده على احتكار مياه النيل لتعرض لآفات من الحميات لا يعلم أذاها غير علام الغيوب ثم ماذا؟
ثم طافت بالقلب خواطر حول شعور المصريين بظواهر الوجود وأقول بصراحة أن الذين ينظمون الأغاني يخطئون أبشع الخطأ في الإكثار من التغني بالرياض والبساتين
إن المصريين لا يفهمون هذه الاشياء، ولن يذوقوها لو فهموها، لأن مصر خضراء في جميع الفصول، وهي من أجل هذا لا تشعر بقدوم الربيع، لأن دهرها كله ربيع
الروض كلمة غير مفهومة، أو كلمة لا تذاق في الديار المصرية على نحو ما يفهمها ويذوقها شعراء العرب في البلاد التي تتأذى بالشتاء
المصري لا يدرك تقلبات الجو إلا في أندر الاحوال، وهل في مصر جو يتقلب؟
دخلت على المسيو دي كومنين وأنا محزون في يومٍ مطير فقال:
, ' ,
ولكن المطر لم ينتظر إلى الغد، فقد صفت السماء قبل أن ينتهي الحديث
والمسيو دي كومنين يلازم سرير المرض منذ أسابيع ولم أفكر في عيادته لأني اكره رؤية الاساد وهي مراض
سمعت أيضاً أن الأستاذ محمد الههياوي مريض، وان أطباء مستشفى الدمرداش قد احتجزوه عامين بعد الشفاء، لأنهم علموا أن أحد أبنائه مات، وليس من المصلحة لمريض في دور النقاهة أن يدخل بيتا شعاره السواد
هل يعرف أبناء هذا الجيل أن الههياوي كان اخطر مفنِّد لمشروع (ملنر) في السنين الخوالي؟
عند الله جزاؤك يا صديقي، لا عند الوطن، فقد كدت أؤمن بأن الوطن المصري لا يحفظ الجميل
الههياوي مريض، وسيعافى بأذن الله حين يقرأ هذه الكلمات، فلعل دواءه في أن يجد صديقا يذكره بالخير وهو عليل
ما هذا الجو العبوس؟ وما هذا المطر الهتون؟