وكانت تسلك طريق الدعابة والمزح في حياتها، ونوادرها أكثر من أن تحصى
ومن ذلك أن لسعتها دبيرة. فقالت لها أمها مالك؟ فضحكت وقالت:(لسعتني دبيرة، مثل الأبيرة، أوجعتني قطيرة)
وبعثت مرة إلى صاحب الشرطة: إنه قد دخل علينا رجل شامي فأبعث إلينا بالشرط. فركب معهم وأتى إلى باب سكينة. فأمرت ففتح له. ثم أمر الجارية من جواريها فأخرجت إليه برغوثاً
وقالت. . (هذا الشامي الذي شكوناه) فانصرفوا يضحكون. ولعل أجمل مزحها كان مع أشعب خادمها ومضحكها. وكم لاقى هذا المخنث من تنفيذ أوامرها الأمرين: تارة تأمر جواريها أن يطأن بطنه وطئ شديداً تكاد تخرج أمعائه منه. أو تأمرهن أن يخنقنه أو يسحبنه على وجه ويلقى خارج الدار أو تأمره أن يقلد أصوات الحيوانات فيموي كالهرة أو يهر كالكلب.
غضبت يوم عليه فدعت حجاماً ليحلق لحيته. فقال له الحجام: انفخ شدقيك حتى أتمكن منك - وأشعب حتى في مثل هذه الحالة أن يضحك سيدته - فقال للحجام:(أمرتك أن تعلمني الزمر أو أن تحلق لحيتي؟!) فضحكت وعفت عنه.
وغضبت عليه مرة أخرى فأمرت أن يتخذ بيت من عود ويوضع فيه بيض وتبن وأدخلت أشعب به. وحلفت ألا يخرج من البيت حتى يحضن البيض كله إلى أن يفقس. ففعل أشعب - وكلما دخل زائر إلى دار سكنية كان أشعب يقرقر مثل الدجاجة - حتى فقس البيض كله فراريج. وأمرت أن تربى الفراخ بدارها. وكانت تنسبهن إليه وتقول:(بنات أشعب)
تأثيرها في المجتمع
ولم تقتصر شهرتها بين أهل عصرها في العلم والأدب والفن بل كان لها تأثير شديد في كل ما تفعله. فلم تظهر بزي إلا انتشر بين فئات الطبقة الأرستقراطية وتعداهن إلى بقية الطبقات. ذلك لأن السيدة سكينة أول من أبتكره وظهر به. كما كانت تصفف جمتها تصفيفاً لم ير أحسن. وصارت الجمة (السكينية) هي المتبعة في تصفيف الشعر. ولم يقتصر هذا التقليل على النساء بل إن فتيان قريش أخذوا ينسقون شعورهم على مثالها. وكان عمر بن عبد العزيز إذا رأى رجلاً يصفف جمته (السكينية) جلده وأمر بحلق شعر رأسه.