للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الآباء والأبناء، فهل سمعتم أن أباً يحب أن يكون ابنه عالة عليه في جميع الشئون!

ونحن اليوم في مطلع حياة جديدة، ولا بد لنا من رياضة أنفسنا على الاضطلاع بحمل جميع الأعباء

وسنجاهد ونجاهد إلى أن تشعر الحكومة أنها تعيش في أمة مثالية لا تحتاج إلى حكام في أي ميدان

سنجاهد ونجاهد إلى أن تغلق المحاكم بفضل اعتماد الشعب على الاحتكام إلى الضمائر والقلوب

لن يطول صبر الإنسانية على هذه الحياة الوضعية، وهي الحياة التي لا ينزجر فيها منزجر إلا خوفاً من سطوة القضاء

إن الاستقامة السليمة هي التي تنبعث من النفس، كما يستقيم العود حين تكتمل قواه، أما الاستقامة التي توجبها قوى خارجية فهي استقامة العود الذي يُستر ضعفه بأسندة من الجريد، وهكذا حال الأخلاق التي لا تستقيم إلا بأسندة من القانون

إن الجوارح الروحية تعطلت بسبب الاعتماد على الحكومة في مختلف الشؤون، وإن المواهب النفسية تهدمت بسبب التفريط في رياضتها على النفاذ والمضاء

الأمم الضعيفة تكل أمورها إلى الحكومات لتستريح من الجهاد، وأما الأمم القوية فتنهض بأحمالها الثقال لتتشرف بالجهاد

وآفة الاعتماد على الحكومة آفة مخوفة على الأمة المصرية، ويجب النص على هذه الآفة بذكر بعض الشواهد، عسانا نزهد فيما استمرأناه من التواكل البغيض

التعليم كله ملقىً على كاهل الحكومة، وما فكر فرد أو جماعة في إنشاء مدرسة إلا على نية التبعية لوزارة المعارف، بأي صورة من صور التبعية

وقد نهضت الأمة فأنشأت الجامعة، ولكن النهوض ثقل عليها فأسلمتها إلى الحكومة!

وأنشأت الجمعية الخيرية الإسلامية بضع مدارس، ثم أسلمتها إلى الحكومة

ومنذ أعوام تعرضت مدرسة الأقباط بالقاهرة لمتاعب مالية، فخذلها أعيان الأقباط ولم ينجدها غير الحكومة

فما الفقر المدقع في العزائم والنفوس؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>