للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

السبب الثالث هو تقديم موضوعات بعيدة عن مدارك التلاميذ، وأريد بها الموضوعات الميتة، الموضوعات التي لا تأخذ وقودها من الحياة الواقعية

ومرد هذا إلى الجهل بحيوات التلاميذ، فلهم اتجاهات فردية واجتماعية غير اتجاهات المدرسين، ومن الواجب أن تكون موضوعات الإنشاء في شرح تلك الاتجاهات

وهل ينتظر الدرس أن يجيد التلاميذ في كتابة موضوع تلقاه وهو تلميذ قبل عشرين سنة أو تزيد؟

في المدرسين من لا يختار موضوع الإنشاء، وفيهم من ينقل الموضوعات التي ألقيت على تلاميذ المدرسة الفلانية، وفيهم من يكرر الموضوع الواحد بضع سنين

الإنشاء اسمه إنشاء

فاختيار الموضوع إنشاء

واللفتة الذهنية عند المدرس باب من الإنشاء

وخطأ التلميذ، الخطأ المنقول عن طبيعته الذاتية فن من الإنشاء

والمهم هو أن نجد في الصف المكون من ثلاثين تلميذاً ثلاثين صورة من التفكير والأداء، لا صورة منسوخة من حضرة المدرس الفاضل!

السبب الرابع إقبال المدرس على تصحيح الكراريس وفي ذهنه صورة محدودة للإجابات، فهو يهمل كل فكرة منحرفة عن تلك الصورة، ولا يثيب التلميذ إلا بقدر محاذاته للعناصر التي فرضها عليه قبل الشروع في الإنشاء

وهذه الطريقة تقتل شخصية التلميذ، وتميت فيه بواكير الابتداع والافتنان. وما ظنكم بتلميذ يرى الخير كل الخير في محاكاة المدرس، ويهمل ملكاته الإبداعية كل الإهمال؟

ما ظنكم بتلميذ يراض على الإيمان بأن رأي المدرس هو الرأي، وتقضى عليه التجارب المدرسية بأن يفهم أن نجاحه يقاس بمقياس رأي المدرس؟

هذه الظاهرة موجودة بالفعل، وهي السبب في الإكثار من دروس الإنشاء الشفوي، وهى دروس عميقة، لأن الغرض منها توجيه التلاميذ توجيهاً حرفياً إلى الأفكار التي يحب المدرس إثباتها في موضوع الإنشاء

ومن أغرب ما يقع أن يقيد المدرس فوق السبورة ألفاظاً وتعابير تساعد التلاميذ على إبراز

<<  <  ج:
ص:  >  >>