وأخرى زخرفية، وسبورات للإيضاح، وأدوات للرسم، ومعامل للكيمياء والطبيعة، وهياكل مجسمة لدراسة علم الحياة (الأحياء) وقاعات للمحاضرات، أقول أما كل أولئك فهو في معاهد الأزهر، كما في مدارس وزارة المعارف، وتمتاز المعاهد بأن ما فيها من الطراز الحديث.
وإن من يزور كلية من كليات الأزهر، لا يرى فرقاً بين أيَّةٍ منها، وبين كلية الآداب أو الحقوق أو معهد التربية، إلا من حيث فخامة الأبنية والموقع الصحي المنتقى، وضخامة الميزانيات.
فهي في الأزهر وكليلته متضائلة متواضعة، وفي مدارس الحكومة وكلياتها عظيمة متضخمة. وتكاد طريقة التدريس في الأزهر الحديث، تضاهي الطريقة التي تتبعها مدارس الحكومة وكليات الجامعة، وكذلك نظم الامتحانات.
وقد استقر هذا النظام في الأزهر، ورسخ فيه رسوخ الشُّم الرَّواسي، حتى أصبح من العسير جداً أن يُعدل به إلى أي نهج آخر؛ لأن رجال الأزهر وطلابه قد اعتبروه تقدماً وتجديداً، ومسايرة لروح العصر الحاضر. فالعدول عنه رجوع بمعهدهم القهقري، ووقوع فيما فروا منه قديماً من بلاء!
فمن يحاول رجع الأزهر كما كان، كمن يحاول أن يجعل (النيل) ينبع من شواطئ البحر الأبيض المتوسط ثم يصب في أعالي السودان!
فالأزهر لا ينقصه نظام، ولا يعوزه رجال مفكرون، أو طلاب نبهاء، وإنما يعوزه إصلاح هذا النظام، ولا سبيل إلى إصلاحه إلا المال؛ ليؤدي به إلى بلاده، وإلى العالم الإسلامي رسالته الجديدة
وإذا قال الأزهر الحديث:(المال)، فهو لا يريد أن يتكاثر فيه حتى يصبح من أصحاب (الملايين)! أو التهالك عليه حتى يكون شغله الشاغل، ومحبوبه الأول، ولكنه يطلبه للإصلاح، وللإصلاح لا غير. . . يطلبه الآن لأنه ليس كالأزهري في الزمن السالف، الذي كانت تهدي إلى بيته الهدايا، من كل (ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين). يطلبه لأنه يرى أن كل شيء في هذه الحياة الصاخبة مفتقر إلى المال. يطلبه ليتساوى مع غيره ممن يؤدون مثل مهمته، ويقومون بمثل عمله، من رجال التعليم.