قرأت مقال الدكتور النابغة عن (اللغة العربية في المدارس الثانوية) وقد تحدث فيه عن ضعف التلاميذ في الإنشاء فرجعه إلى المدرس، فهو السبب الأول والآخر والظاهر والباطن، وسرد أسباباً لبابها انصباب الضعف على رأس المدرس، أو من رأسه، أما التلميذ، وأما المفتش، وأما الوزارة، وأما الوسط، وأما المنهج، وأما توزيعه، فليس لكل أولئك أثر من جناية على التلميذ في ضعفه. والسكوت على الاتهام مع القدرة على دحضه فوق أنه ضعف إثبات للتهمة وتزييف للعدالة، لذلك سأرد على ذلك الاتهام لا لتبرئة نفسي وأخي بل لأضع الحق في نصابه.
يرى الدكتور أن السبب الأول:(سيطرة المدرس على لغة التلميذ) وهذه السيطرة هي السبيل الوحيد لتزويده بما يشاء من ألفاظ ومعان يستخدمها فيما يكتب، لأنه لا يزال في أول طريق الكتابة فسنة أو سنتان في التعليم الابتدائي لا تقدر التلميذ على الكتابة المستقلة.
السبب الثاني:(تحكم المدرس في عقل التلميذ)، ويقصد الدكتور بذلك حصر عناصر الموضوع وتسلسلها؛ ومع أن هذا لا عيب فيه، لأن العناصر تستخلص من أفكار التلاميذ وبألسنتهم فتلك الطريقة لا تتبع إلا في السنوات الأولى من التعليم الثانوي، على أن الأساتذة لا يقيدون التلاميذ بالعناصر بل يتركون لهم العنان يفكرون كما يشاءون، ويكتبون ما يشاءون السبب الثالث:(تقديم موضوعات بعيدة عن مدارك التلاميذ وأريد بها الموضوعات الميتة)
في هذا السبب يتجنى الدكتور على كثرة المدرسين إذ هو لم يطلع - من غير شك - على جميع - الموضوعات المختارة وإنما اطلع على قلة ضئيلة لا يمكن إلا أن يكون فيها الحي والميت والحكم القائم على القلة حكم واهي الأساس.
السبب الرابع:(إقبال المدرس على تصحيح الكراريس وفي ذهنه صورة محدودة للاجابات، فهو يهمل كل صورة منحرفة عن تلك الصورة) وذلك تجن ثان أو ثالث - كما يشاء الدكتور - فإن أحداً لم يطلع على ما ارتسم في ذهن المدرس حتى يحكم هذا الحكم، وإن يكن الدكتور أيام تدريسه يسلك تلك الطريق فلا يصح اتخاذه طريقته دليلاً على طرائق غيره.
السبب الخامس: (إغرام بعض المدرسين بالإكثار من التصحيحات إكثاراً يشهد برغبتهم في