للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أنا لم أتعود خداع قرائي، وأنا أوصيهم بما أوصي به نفسي، فليسمعوا هذا الكلام إن كانوا لأنفسهم أوفياء

ونحن لا نطالب الدولة بحق الإنصاف، إلا إن أقمنا مئات البراهين على حقنا في الإنصاف

ولن يكون ذلك إلا إذا وثقت بنا الدولة ثقة تغنيها عن تلك الجيوش من المفتشين

إن احتاج المدرس إلى رقابة المفتش فليس بمدرس

والأساس أن تكون المدرسة غزواً روحياً للبيت، فيكون الطفل أستاذاً لأبويه، لأن له أسندة من روحانية أساتذته الفضلاء

والأساس أيضاً أن يُخوَّف التلميذ بسلطان المدرسة عليه، فلا يشكوه أهله حين ينحرف لغير السلطة المدرسية

ومتى يتيسر ذلك؟

أيكون غنى المدرس هو الوسيلة كل الوسيلة إلى السيطرة على التلاميذ؟

وكيف وفي آباء التلاميذ من يكون إيراده أضخم من مرتب وزير المعارف؟

هيبة المدرس ترجع إلى التمكن من المعلم الذي يدرسه التمكن الفائق الذي يشعر التلاميذ بأن أستاذهم من أكابر العلماء

إن استطاع المدرس أن يلقى تلاميذه كل يوم وفي يده كتاب جديد فليفعل. . . وإن استطاع المدرس أن يدل تلاميذه على جميع ما يجدّ من الآراء العلمية والأدبية فليفعل. . . وإن استطاع أن يرشدهم إلى طيبات الحياة الفنية فليفعل.

المهمُّ هو أن يسيطر على تلاميذه سيطرة روحية تصغر بجانبها سيطرة الجاه والمال

وإذا وصل إلى هذه الغاية فلن يضيره أن يقال إنه من الفقراء

وأنا لا أطالب بإنصاف المدرس من الوجهة المادية إلا لأضمن صلاحيته لفهم مطالب الحياة، لأني أعتقد أن الرجل المنسحب من ميدان الحياة لا يصلح لشيء، وأكاد أجزم بأن حب الحياة يزيد في قوة الأخلاق.

المعلم الذي أنشُده لأبناء هذا الجيل هو رجل مزوَّد بمواهب إيجابية لا سلبية، هو رجلٌ يسبق زمنه بأزمان، هو رجلٌ يرجو تلاميذه أن يكون هاديهم إلى صراط الحياة في معناها المنزّه عن الغفلة والجمود.

<<  <  ج:
ص:  >  >>