للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

معناها لأن الرسالة أطهر من أن تحمل إليك معناها - وتوفيق مصمم على أن يظل شهريار ديوثاً مهما ثار، فهو يداعبه أمام القاضي بقوله إنه أخطأ إذ لم يجعله قاتلاً سفاكاً، ولو كان القتل في سبيل الشرف الرفيع الذي لا يسلم. . . حتى يراق على جوانبه الدم. . . في رأي المتنبي ورأي شهريار.

قالت فاتنة: فبماذا تملأ يديك من مذهب هذا الرجل إن أنت جمعت ما كتب في (شهرزاد) إلى ما كتب في (القصر المسحور)؟ إطمئن، فإنك تتأبى أن تملأهما بشيء. . . وكيف تملؤهما بما يصر عليه من هذا الحنث العظيم، والإصر الذي ليس وراءه إصر، مما يذيعه في الناس أنه مذهبه، وأنه معتقده، في شهرزاد التي يرمز بها للمرأة في كل زمان ومكان. . .

ومن هنا هذه المباهاة الطويلة العريضة بأنه عدو المرأة الذي لا يعترف لها بعفاف، ولا يأبه أن يُذال لها عرض، لأنها ليس لها عرض؛ والذي يفترض فيها الأنانية المطلقة لأنها لا تفكر إلا في خلاصها ولا يعنيها أن تهلك نساء العالمين ما دامت مستطيعة أن تكون بمنجاة من الهلاك، والتي تخاتل وتخدع وتجعل بيتها مأوى للعبيد الفُتاك الذين لا تشبع منهم ولا تريد أن تشبع منهم، وتؤثر أن يكون عبدها خسيساً غليظاً خشناً وضيعاً لأن هذه كلها مزايا تضاعف - في رأي السيد توفيق - من شهوة شهرزاد كما تضاعف من التذاذها.

لمن يكتب هؤلاء الناس؟!

وفي أي بلد يكتبون؟! وما هي حرية الرأي هذه التي يحض عليها عميد الأدب العربي لحماية هذا اللون الوضيع من ألوان الأدب والتي غلا في الحض عليها والحماسة لها في الصحيفة الثانية والسبعين والصحيفة السابعة بعد المائتين من القصر المسحور؟!

هذا كثير. . . هذا كثير جداً مهما احتفظ العميد لمن شاء أن ينقد هذا الضرب من ضروب الأدب أو ذاك. . . وما جدوى النقد بعد أن يتمكن (سل) هذا الأدب من صدور قرائه؟! وإذا كان عميد الأدب العربي قد أحس هذا الخطر ونبه إليه فكيف كان يرى - وأظنه ما زال يرى - أن النقد الأدبي كاف لتزييف هذا اللون المهلك من ألوان الأدب، الذي إذا قدر له أن ينتشر في بلد - أتى على أخلاق أهله وعرضه للانحلال والاضمحلال. نحن هنا لا نقسو على أحد، فمصر أعز علينا من ألف ألف كاتب، وهي في عصر الحديد والنار، في حاجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>