للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحب والبغض جميعاً، فبلغت من نفسك هذه المنزلة التي تراها والتي لا تراها، ثم أصبحت الآن وهي لا تفكر إلا فيك، ولا تفكر إلا بك، ولا تفكر إلا لك. ماذا أريد؟ أريد أن تكون سعيداً موفوراً، ولكني لا أعرف كيف أجعلك سعيداً موفوراً. من أنا؟. . . أنا من تحب أن ترى في أي ساعة من ساعات النهار، وفي أي ساعة من ساعات الليل. أنا أمك حين تحتاج إلى حنان الأم، وأنا أختك حين تحتاج إلى مودة الأخت، وأنا ابنتك حين تحتاج إلى بر البنت، وأنا زوجتك حين تحتاج إلى عطف الزوج. . . . وأنا خليلتك حين تحتاج إلى مرح الخليلة، أنا كل هذا. وماذا أريد! أريد ما تريده الأم لابنها، وما تريده الأخت لأخيها، وما تريده البنت لأبيها، وما تريده الزوج لزوجها الوفي، وما تريده العشيقة لعشيقها المفتون. وقد سألتني فألحفت على في السؤال، أفتأذن لي في أن أسألك؟) فيرفع الملك إليها بصره كالمنكر لما تقول، ولكنها تتضاحك وتتماجن وتسأله: (كيف أراك في هذا المكان من جنة القصر، حيث كان ينبغي أن أراك في غرفتك تتهيأ للخروج إلى حيث تستقبل وزراءك وتصرف أمور ملكك، أو أراك قد خرجت مبكراً فأقبلت على شئون الدولة تصرفها حفيَّا بها منكبَّا عليها. . . الخ)

فهل رأيت إلى شهرزاد العميد وفرق ما بينها وبين شهرزاد الحكيم؟ أرأيت كيف صور العميد ما ينبغي أن تكون عليه الزوجة الوفية في كل زمان ومكان!! فتكون لزوجها أماً حين يحتاج إلى حنان الأم، وأختاً حين يحتاج إلى مودة الأخت، وابنة حين يحتاج إلى بر البنت، وزوجاً حين يحتاج إلى عطف الزوج. . . ثم. . . خليلة حين يحتاج إلى مرح الخليلة. يجب أن تكون الزوج كل هذا فهل يرى الأستاذ توفيق هذا الرأي؟! أم هو موجس ظِنَين واجد على المرأة يبشر ضدها بالويل والثبور وعظائم الأمور، لا يأتمنها على أن تنجب لشهريار غلاماً ذكياً أو غبياً، ولذلك فهو يرسلها في أحضان العبيد، ويبيح غرامها للوزير ولغير الوزير، ويجعلها أنانية لا تفكر إلا في نجاتها هي دون أن تعني بخلاص بنات جنسها

ولقد نبهتك يا صديقي إلى ما التزمته شهرزاد العميد من الغموض أحياناً لتصون جمالها وتجدد سحرها في نفس زوجها، فهل تدري لماذا حرص الأستاذ الحكيم على أن تكون شهرزاده غامضة؟ إنه حرص على هذا لتذهل شهرزاده لبَّ شهرياره، ولتعصف بقبله؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>