العاص، وتشييده جامعه إلى جانب مدينة الفسطاط. وأشارت إلى من خلفه من الولاة، حتى جاء أحمد بن طولون والياً من قبل الخلفاء العباسيين، الذين كانوا قد اتخذوا إذ ذاك مدينة سامرا (سُرَ من رأى) عاصمة لبلادهم. وجلب ابن طولون معه من سامرا المعماريين والفنانين، فنسجوا فيما شيدوه بمصر من المباني والعمائر على نسق الطرز الفنية التي كانت مزدهرة في بلادهم في ذلك الوقت. لذلك نجد أن جامع أحمد بن طولون مبني على طراز جامع سامرا من حيث تخطيطه وزخارفه وشكل مأذنته، حتى أنهم استعملوا في بنائه الآجرّ (الطوب الأحمر) الشائع في العراق بدلاً من الحجر الجيري الذي كان يستعمل بكثرة في مصر لقرب محاجر جبل المقطم
وتحدثت في الفصول التالية عن انتقال الحكم في مصر إلى الخلفاء الفاطميين وتأسيسهم مدينة القاهرة. فتكلمت عن أخبار خلفائهم وما بنوه من جوامع ومساجد كالجامع الأزهر والحاكم، ثم استئثار الوزارة بالسلطة في أواخر العصر الفاطمي وما بنى في عصرهم من المباني مثل السور العظيم الذي بناه أمير الجيوش بدر الجمالي مع باب الفتوح وباب النصر وباب زويلة، وجامع الجيوشي، وجامع الأقمر، ومشهد السيدة رقية وغير ذلك. ثم مجيء صلاح الدين الأيوبي إلى مصر واستقلاله بالحكم بها، وقيام الدولة الأيوبية، وبناء قلعة القاهرة لصد هجمات الصليبيين المحتملة في ذلك الوقت. إلى أن قامت دولة المماليك البحرية، وانتقلت الخلافة العباسية إلى مصر أيام الملك الظاهر بيبرس البندقداري، بعد أن فتح التتار بغداد. ثم ذكرت أخبار من حكم مصر من سلاطين دولتي المماليك البحرية والبرجية وأمرائهم وشدة شغفهم بالفنون الجميلة التي ازدهرت قي مصرفي عصرهم، وتشييد المباني الفخمة مثل جامع الظاهر ومارستان قلاوون وجامعه ومدفنه وجامع بيبرس الجاشنكير وسلار وسنجر الجاوي والناصر محمد بن قلاوون والسلطان حسن وبرقوق وبرسباري وجقمق وأينال وخشقدم وقايتباي والغوري. إلى أن كانت موقعة (مرج دابق) الشهيرة بين العثمانيين ومماليك مصر، وانتصر فيها السلطان سليم الأول العثماني على السلطان قانصوه الغوري، وفتح العثمانيون مصر في سنة ١٥١٧م، فصارت منذ ذلك الوقت ولاية عثمانية، إلى أن جاء المغفور له محمد علي باشا الكبير فحررها من ربقة الإدارة العثمانية