وكيف نحترس وليس في الدنيا طفلٌ يعرف أن أباه لا يبخل عليه بالترف إلا ليدّخر له ما ينفع في الأيام المقبلات؟
إن أبناءنا لا يريدون أن نطمئن على سلامتهم من الوجهة الروحية، وإلا فكيف جاز أن تكثر رغبتهم في الزخارف وثقل رغبتهم في الحقائق؟
عفا الله عنهم، فهم ضحايا بلاء الناس بالناس!
إن حال الرجال من هذه الناحية مقبول، فما أذكر أني رأيت مدرساً أو مفتشاً يهتم بملابسه اهتماماً يوجب الاعتراض، وإنما الحال المزعج هو حال بعض المدرسات والمفتشات، حال الفساتين التي لا تجاوز الركبتين، حال الزينة التي تنافي وقار التعليم، وكان مهنة الأنبياء
وفي إحدى المدارس رأيت مدرِّسة ضنت على نفسها بالزينة الزخرفية، فزاد إيماني بعظمة بلادي، وأيقنت أن (ربة البيت) بخير وعافية، وأن مصر في أمان من طغيان الخسران
عندنا مدرِّسات حقاً وصدقاً، مدرسات يتحلين بالعلم لا بالزينة، وبفضل أمثال هؤلاء المدرسات سنبلغ من تعليم البنات ما نريد
المدرسات المصريات في هذا العهد يجاهدن بصدق للتغلب على السخف الذي جلبه الجانب الضعيف من المدنية الغربية، ويحاولن بصدق أن يكن مدرسات لا وصيفات
وقد صار من المألوف أن تجد مدرسات يقهرنك قهراً على بذل تحية التعظيم والتبجيل، وهي تحية أكرم وأشرف من تحية الحسن المجلوب
وأرجو أن يفهم القارئ أن كلامي هذا لا يراد به الإيحاء، فما هو إلا صدق في صدق، بعد ملاحظات ومشاهدات جعلتني من المطمئنين إلى صحة ما أقول
وأنا مع هذا منزعج مما صرنا إليه في مدارس البنات ومدارس البنين
هل عندنا مدرسة توصي تلاميذها بأن لا يكلفوا آباءهم ما لا يطاق؟
هل عندنا مدرسة تفكر في أن تكون من الأسندة للبيوت؟
التلميذ لا ينجح بتفوق إلا إذا أمدته المقادير بالدروس الخصوصية، فمتى نثق بكفاية الدروس المدرسية؟
وما قيمة المدرس الذي لا يتفتح عقل تلميذه إلا إن خاطبه لسان إلى لسان؛ بين أربعة جدران؟