أعوذ بالله من بلاء الناس بالناس!
ملك الشط والفراتين في ضيافة النيل
من مزايا مجلة (الرسالة) أنها تسكت عن الأشخاص ليكون التفاتها كله إلى المعاني، وذلك هو السر في عدم اهتمامها بالإخباريات المتصلة بالأشخاص
قلت لنفسي: ولكن في الأشخاص من يكونون رموزاً للمعاني، فما الذي يمنع من أن أقول على صفحات الرسالة: أهلاً وسهلاً ومرحباً بملك الشط والفراتين!
كانوا يسمونه الملك الطفل، فسميته الملك الشبل، جعله الله أكرم الأشبال!
و (ملك الشط والفراتين) لقبٌ جميل صاغه شاعرنا شوقي في القصيد الذي يغنيه محمد عبد الوهاب في تحية فيصل الأول. والشط هو شط العرب، والفراتان: دجلة والفرات. . . ولو كانت الأقدار سمحت بأن يزور شوقي ديار (الشط والفراتين) لجاد شعره بأطايب لا يجود بمثلها الخيال
وهل كان شوقي يشعر بقيمة المبدأ الذي رسمه حين جعل ملك العراق ملك الشط والفراتين؟
ما أغرب ما سمعت في بغداد سنة ١٩٣٨
سمعت أن العراقيين دعوا (الملك فيصل الأول) إلى الاحتفاظ بالموصل في المؤتمر الذي عقدوه في (الصُّليخ)، فما الصليخ؟
هو مكان في ضواحي بغداد مرت به لحظة تاريخية. وقد زرته زيارة الطيف في ليلة شاتية لأتنسم الجو الذي قيل فيه بحضرة فيصل الأول: إن العراق لا يستغني عن الموصل بأي حال
ثم زرت الموصل الذي لا يجوز عنه الاستغناء فهالني أن أرى روحانيات مختلفات، وعز عليَّ أن يكون الموصل مما يدخل في الحساب عند تقسيم المغاني، مع أنه كان ولا يزال ولن يزال من صميم الأرومة العربية
وقد زرت الشط، شط العرب، بعد أن شهدت العراك الذي دار في مجلس النواب العراقي حول معاهدة الحدود
وأصغيت بأذنيَّ وبقلبي إلى الصوت الذي قال: من غفلة العرب أن ينسوا الأهواز، مع أنها أحق بالعطف من فلسطين