تسامع الناس قبل أسابيع بأن سعادة الأستاذ مكرم باشا عبيد نشر كتاباً سماه الكتاب الأسود، وقال من قرأوه إنه غاية في قوة الحجج والبراهين، فدفعني الشوق إلى الاطلاع عليه، وأنا بلا مباهاة أقرأ جميع ما تنشر المطابع فيما يتصل بالحياة الأدبية والوطنية لأساير اتجاه الأفكار في زماني
فماذا رأيت في الكتاب الأسود؟
رأيت مؤلفه اهتم بالشؤون الداخلية، وترك الشؤون الخارجية، فما معنى ذلك؟
أتكون وزارة النحاس باشا سلمت كل السلامة من التقصير في الشؤون الخارجية ونحن في زمن تكثر فيه المشكلات الدولية؟
إن كان هذا هو الواقع بفضل سكوت مكرم باشا فوزارة النحاس باشا أعظم وزارة تغلبت على المصاعب الدولية في أحرج لحظات التاريخ
وإن كانت هناك مآخذ على الوزارة الوفدية من الوجهة الدولية فسكوت مكرم باشا على تلك المآخذ سكوت المريب
التعرض للشؤون الداخلية يغضب النحاس وحده. أما التعرض للشؤون الخارجية فيغضب ناساً يراعيهم مكرم في السر قبل العلانية
ما هذه المغالاة في تعقب الشؤون الداخلية، مع ترك الشؤون الخارجية؟
الجواب حاضر: فسعادة الأستاذ مكرم باشا يتوهم أن مسلمة الأمور الدولية قد تنفع بعد حين، وقد تردُّه إلى وزارة المالية بعد أحايين!
نحن نبالغ في إيذاء المواطنين باسم الوطنية، ونسكت عن الشؤون الخارجية باسم الديبلوماسية، وذلك هو ما صنع الأستاذ مكرم عبيد!
هل أستطيع أن أسأل عن المصير الأخلاقي لمن يجرح قوماً عاشرهم في أعوام تزيد على العشرين؟
وهل أستطيع سؤال مكرم عن سر سكوته فيما يختص بمتاعب مصر من الوجهة الدولية؟
من واجب مكرم باشا أن يقرأ هذه الكلمة ليراعيها في كتابه المقبل. وهذا درس في الوطنية أقدمه إليه بالمجَّان
زكي مبارك كما يراه عباس العقاد