على نفسه، شقي بعذاب ضميره، معترف بخطيئته؛ بينما يحاول (صادوق) أن يبرر هذه الخطيئة وأن ينظر إلى سليمان بمنظار التقديس التام (شأنه منذ أول القصة) ذلك أنه يعمل لحساب المظاهر والجماهير، بينما سليمان يستوحي العقيدة والضمير. (وذلك هو الفرق بين الكاهن والنبي)
وأما بلقيس فقد هدأت باليأس واطمأنت إلى صداقة سليمان فهي لن تحبه ولم يعد قلبها صالحاً للحب. ولكنه رجل منحها في فترة ما حبه وإعجابه، فصداقته الآن هي أقرب الأحاسيس إلى نفسها وفيها بعض العزاء
وإن بلقيس وسليمان ليحسان لهذه الصداقة طعماً مريحاً بعد الحرمان!
وأما الصياد، فقد استيقظ ظميره، وإنه ليطلب إلى سليمان عقابه على النية (وقد ارتفع درجات هائلة في سلم الحكمة العالية) فلا يجيبه سليمان إلى طلبه؛ بل يطلب هو إلى الصياد أن يكون قاضيه لأنه خير منه فقد همّ ولم يفعل. أما هو فهمّ وفعل!
ثم تودع الملكة بلقيس الملك سليمان عائدة إلى مملكتها بعد المعركة!
فإذا كان الفصل الأخير، فإن سليمان قد اعتكف في القصر الذي كان قد بناه لبلقيس (فهو إذن مكان حبيب إلى نفسه وما تزال للحب الإنساني خيوط على الرغم من الندم والتوبة)!
وإذا هو متكئ على عصاه، وإذا الصياد قائم على حراسته بإذنه. وإذا هو يموت دون أن يعلم أحد بموته (حسب رواية القرآن). فإذا انكشف أنه مات بدأ حوار فلسفي طويل بين أصف وصادوق والصياد، تثار فيه مسائل فلسفية حول الحكمة الإنسانية الصغرى، والحكمة الكونية الكبرى. وحول السخرية بحكمة الإنسان وعظمته، مهما بلغ من الحكمة والسلطان!
ثم إذا الجني يظهر وجهاً لوجه أمام الصياد - قوة الخير وقوة الشر - وإذا هو يعلن الصراع الأبدي بينهما فيلتقط الصياد القفاز! وإذا الصياد والعفريت في هذه الصورة رمزان خالصان وقد كدنا نظن طول الرواية أنهما شخصان كائنان! وكذلك تسفر الرمزية في سليمان وصادوق وبقية الأشخاص
وفي هذين الفصلين أشياء تزيد وضوح أهداف الرواية، ولكن كم وددت لو سارا على النسق الأول في استبدال الحادثة بالحوار والحركة بالكلمات