اللوفر. وعرف ريشليو هذه الأخبار فأبعد الدوقة إلى التورين، وهناك قابلت لاروشفوكو، واستطاعت بدهائها أن تستخدمه رسولا بينها وبين الملكة. ولم تقف عند هذا الحد، بل نظمت مراسلة سرية خطرة بين ملكة فرنسا وملك أسبانيا. وعرف ذلك الوزير الساهر على مصلحة بلاده، فأوعز إلى الملك ان يطلق زوجه ويخرجها من الارض الفرنسية.
ولما شعرت الملكة بعزم الكاردينال، استدعت لاروشفوكو وتقدمت إليه ان يسهل لها طريق الهرب إلى بروكسل. وهو يقول في مذكراته عن هذه الحادثة:(لما وقعت في هذا المأزق لم تجد وفيا لها غيري وقهرمانتها الآنسة دي هوتفور، فعرضت على أن أختطفهما وإذهب بهما إلى بروكسل. وقد بعثت أخطار هذا العمل والصعاب التي تقوم في وجه إنفاذه سرورا كبيرا في دخيلتي. كنت في سن تحبب إلى الإنسان أن يأتي أعمالا خارقة ذات دوي عظيم. ولم أجد عملا يرضي هذا السن أكثر من اختطاف ملكة من زوجها، وفتاة من ملك يهواها).
ولكن ريشليو أحبط هذه الخطة، وآلم الملكة جد الألم. وخافت الدوقة دي شفريز بطش الوزير فاعتزمت الهرب. وكانت تجيد ركوب الخيل، فغادرت مدينة (تور) في زي رجل، ومعها خادمان وكان ذلك في السادس من شهر سبتمبر عام ١٦٣٧. ولما صارت على مسيرة فرسخ من (فرتي) التي التجأ إليها لاروشفوكو، أرسلت إليه تقول إنها رجل من النبلاء اضطر إلى الهرب عقب مبارزة، وتسأله أن يرسل إليها عربة مقفلة وبعض الخدم. وما أن ألقى على الرسالة نظرة حتى عرف خطها، ولكنه لم يستطع الذهاب إليها لأن ضيوفه أرادوا أن يصحبوه. وأرسل إليها في الحال ما طلبت، فسارت آمنة حتى بلغت حدود أسبانيا. ثم أرسلت إليه جميع حليها وقيمتها ٢٠٠٠٠٠ دينار راجية منه أن يقبلها منها هدية إذا قضت نحبها، أو يردها إليها في أحد الأيام إذا قدر لها ان تعود إلى بلادها.
وقد ذكر مسألة الحلي في مذكراته للدلالة على الثقة التي يلهمها وفاؤه، مع انه ينكر في كتاب (مواعظه) الثقة النقية الخالصة ويقول: (ليس لنا أن نفخر باكتساب ثقة هي دائما مشوبة بالغرض) وذكر أمامه أحد أصدقائه جاك اسبريه هذه الحادثة وقال يداعب صديقه في شيخوخته: (مما يثير العجب أن يفخر الإنسان بأن أميرة لجأت إليه ووضعت بين يديه حياتها وحريتها، مع أنها لم تفعل ذلك إلا خشية الوقوع في يد العدالة، وأن يفخر بأن هذه الأميرة ائتمنته على حليها الثمينة وهي خارجة من وطنها، مع انها لم تفعل ذلك إلا في