الأهرام لا تدعوه إلى الإقامة في القاهرة شهراً أو شهرين من كل عام، ليعرف الجو السياسي فيراعيه فيما يرسل من البرقيات
وفي أغسطس من سنة ٩٤١ زرت مدينة المنصورة لأتحدث مع الأستاذ الزيات فيما يجب أن نراعيه من التوجيهات الأدبية والاجتماعية
وفي إحدى السهرات قال فلان: هل سمعتم باسم الشارع الجديد؟
- وما اسم الشارع الجديد؟
- شارع الشريف الرضي
فابتسم الأستاذ الزيات وقال: هذا من وحي الدكتور المبارك
وفي يناير من سنة ١٩٤٢ رفعت قضية شفعة على غيط يجاور أملاكي في سنتريس. ولم أكن أملك من ثمنه غير دنانير كسبتها من كتاب (عبقرية الشريف الرضي)، وقد كسبت القضية وسميت الغيط (غيط الشريف)
أمر الأرواح عجب في عجب، وما أعجب أمور الأرواح!
كان الشريف يتحدى خلفاء بغداد بأن له في مصر أنصاراً يستنصر بهم حين يشاء، وقد وفت مصر للشريف بعد عشرة قرون، فسمَّت باسمه شارعاً في المنصورة وغيطاً في سنتريس، ولن يموت رجلٌ يحفظ اسمه في المنصورة وسنتريس
الشريف هو الذي يعبِّر عن أشواقي إلى أحبابي في العراق حين يقول:
ومن عجبٍ لا أسأل الركب عنكم ... وأعلاق وجدي باقيات كما هيا
ومن يسأل الركبان عن كل غائب ... فلا بد أن يلقى بشيراً وناعيا
وقد فجعتني الأقدار بموت الصديقين الكريمين: إبراهيم العمر وصادق الوكيل، وكانا عدوين لا يقرب بينهما غير الاتفاق على ودادي، وما أكثر ما صنعت في تبديد الخلاف بين المتخاصمين من أدباء العراق!
كنت أقول إني أحب العراق لأخلق فيه صداقات لوطني؛ واليوم أقول إني أحب العراق، لأنه العراق
ومن الذي يكره بلداً لا يفارقه بغير الدمع؟
من الذي يكره بلداً رجاله طه الراوي ورضا الشبيبي؟