الشقيقة فيقبل عليها الأهلون إقبالاً منقطع النظير ليشهدوا مصر الحديثة، وليطالعوا الأدب المصري الحديث، والتمثيل المصري الحديث. وليمتعوا أنفسهم بالغناء المصري الحديث ويشنفوا آذانهم بالموسيقى المصرية الحديثة؟ الحقيقة أن شطراً كبيراً من مسئولية ذلك تقع على عواتق رجال تلك الفنون من المسرحيين ومخرجي السينما وممثليها والمغنين والموسيقيين المصريين. . . وسنكون صرحاء في تحديد هذا الشطر من المسئولية فنقولها كلمة حق إن كثيرين منهم يكادون يكونون أُميين. . . أميين في فنهم نفسه، وأميين في طريقة أدائه، وأميين في منوال حياتهم بوصف كونهم رجال الفنون الرفيعة في مصر. أما أن منهم الأميين في فنهم فهذا هو المشاهد الملحوظ في كثير من الروايات المصرية المسرحية، وأشرطة الصور المصرية تأليفاً وإخراجاً وتصويراً وتمثيلاً - وأنا أكتفي هنا بالإشارة العابرة دون التصريح والتجريح، فما لهذا كتب المقال - ولست تعرف من أين يأتي أكثر العيب؟ أيأتي من المؤلف الذي يتناول الموضوع المصري أو إحدى البيئات المصرية فيشيع فيهما مرض خياله ويمسخها بسقم تصويره ويجعل منها أضحوكة لا تخطر في بال مصري؟ أم يأتي من المخرج الذي يضرب أخماس المشاهد في أسداسها حتى تبرز عرجاء شوهاء مقعدة في كثير من الأحيان؟ أم يأتي العيب من المعمور الذي لم يدرس قط، أو درس دراسة ارتجالية - فن الضوء المسرحي أو السينمائي وزوايا المناظر؟ أم يأتي أكثر العيب من الممثلين وفيهم مهرجون كثيرون فرضوا بطولتهم على الشركات التي ألفوها، وعلى النظارة الذين أفسدوا أذواقهم بالإلحاح عليها بشعبذاتهم ومساخرهم
أما أميتهم في أسلوب حياتهم فذاك أن أكثرهم لا يحاول قط أن يتعلم أو أن يثقف نفسه بمطالعة ما تصل إليه يده عن تاريخ فنه وتراجم أبطال هذا الفن وما يجد كل يوم فيه وما ينضاف إليه من جهود المتخصصين فيه، ثم هم غير هذا يحيون حياة سائبة ليس فيها أي شعور بالكرامة الفنية التي كان يخلق بها التسامي عن التبذل والانغماس فيما يشين الأقدار. وليس يضير هذه الفنون قط أن كثيرين من أبطالها في مصر قد نشئوا من صميم الشعب، فهنا مفخرة هذه الفنون، بل هنا حياتها، لأنه لا يعرف هوى الشعب ولا يدرك علله إلا أفراد منه أوتوا تلك الملكات الشعبية التي يجهلها السراة جهلاً تاماً
وبمناسبة فقر أبطال المسرح والسينما والغناء والموسيقى في ثقافتهم، ذلك الفقر المضحك