لا، إنها غاية في المدح، لأن النضج المبكر ليس علامة حسنة في حيوات الأطفال
الإنسان الجيد كالشجرة الجيدة، يحتاج في تكوينه إلى متاعب، وقد حدثتكم مرة أن الشجر الجيد هو الذي ينمو في بطء وتمهل. وأحدثكم اليوم أن السوس لا يعض غير الخشب المأخوذ من شجر سريع النماء
أقول هذا لأقرر حقيقة طُفتُ حولها عدداً من السنين، ولم أستطع التعبير عنها بوضوح وبيان
تلك الحقيقة هي أن العقل لا يخاف عليه من اصطراع الآراء إلا إذا فاتته فرص التدريب على الاصطراع، وهذه الفرص تفوت العقل إذا اكتفى بالطعام الواحد في المعقولات، كما يتعرض الجسم للخطر إذا اكتفى باللون الواحد في المطعومات
ألم تلاحظوا أن خواطر الشك والريب والإلحاد لا تساور غير المبتدئين؟
إذا رأيت شخصاً يجادل في آيات الله فاعرف أنه طفل، لأن هذا النوع من الجدال مألوف عند الأطفال
وإذا رأيت شخصاً يناقش في أمور فرغ منها الباحثون فاعرف أنه طفل، والطفولة في العقول قد تطول في حياة بعض الناس!
أما بعد فما الذي أوحى هذه الأفكار بهذا الأسلوب؟
أوحاها ضيفٌ رحل إلى غير معاد، وما أصعب فراق الضيف المحبوب إلى غير مَعاد!
موضوع المقال هو الصفحات الآتية، أما الصفحات الماضية فقد أنشأتها على سبيل التمهيد، على قلة ما أصنع في تحرير المقال على دفعات
وسأترك الصفحات الآتية على ما كانت عليه في الوضع الأول، لأني أخشى أن يصيبها التزييف بالتعديل
وفي ترجمة خبرك، أيها المفارق إلى غير معاد، أسوق الحديث:
في جنح الليلة الماضية مات العصفور. وفي صبيحة اليوم دفناه في حديقة البيت بجوار شجرة زهراء، ضنّا على جسمه اللطيف بأن يكون طعمه لفرد من الحيوان أو لطائفة من النمل، إن ألقينا به في الصحراء. . . فما تاريخ ذلك العصفور الصريع؟
كان هدية من صديق راقه ما كتبت في خصائص الطير والحيوان، يوم كنت أنشر بمجلة