للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المسرح ومساسه بالتربية الشعبية، ومجرد المماراة في ذلك ضرب من الجنون أو النقص الذهني لا يليق بأمة ناهضة طامحة إلى الكمال. . . فلماذا لا يترجم كبار كتابنا مع ما لهم من الإلمام باللغات الأجنبية؟. . . إن الذي له دراية بأية لغة أوربية من اللغات الكبيرة يستطيع أن يقرأ روائع الآداب العالمية منقولة إلى تلك اللغة نقلاً يشبه الأصل إن لم يفقه جمالاً وروعة. . . فمتى يستطيع القارئ العربي الاطلاع على روائع آداب العالم منقولة إلى اللغة العربية؟ متى يستطيع أدباء الأزهر ودار العلوم وطلاب الثقافة العامة من جمهور القراء الاتصال بالأذهان العالية دون أن يتجشموا تعلم اللغات الأجنبية؟ متى يستطيع المسرحيون في مصر الاطلاع على تاريخ المسارح العالمية وروائعها وتراجم أبطالها، ومعظمهم على ما نعرف من الأمية والعجز والفقر الأدبي والثقافي؟. . . ثم ماذا يمنع كبار أدبائنا من الترجمة وأنا أعرف منهم أربعين أو خمسين على الأقل يستطيع الواحد منهم أن ينقل إلى العربية ثلاث مسرحيات كل عام على أن يشغل كل يوم ساعة، فإذا انتهى العام قدموا للقارئ العربي وللمسرح المصري مائة أو مائة وخمسين من روائع درامات العالم. فماذا تكون هذه الثروة الأدبية يا ترى؟ وماذا يكون أثرها في خلق النهضة المسرحية وتوجيهها في مصر؟. . . وأعود إلى التساؤل عما يمنع هؤلاء الأدباء الكبار من الترجمة؟ إني أجلهم عن أن يكون ما يحول بينهم وبين ذلك هو الكسل، أو التعلل بالعوامل المثبطة التي سنتناولها فيما بعد!

٢ - أما نصيب كلية الآداب من جريرة تأخر الترجمة في مصر فهو كبير بلا شك، وإن كان في رأيي في المرتبة الثالثة أو الرابعة بعد نصيب الكبار من أدباءنا. فخريجو كلية الآداب ولا سيما خريجو أقسام اللغات الأجنبية. ما يزالون قلة في مثقفي هذه الأمة، ولست أريد أن أنتقص من أقدار هؤلاء الخريجين حين أقرر أن معظمهم ضعاف أشد الضعف في اللغة العربية، وأن كثيرين منهم - إن لم يكن أكثرهم - ينصرفون عن القراءة وإدمان المطالعة والاتصال بما أخرجته المطابع الأوربية، وما تزال تخرجه من روائع الأدب، والأدب المسرحي بوجه خاص. على أن كثيرين من هؤلاء الخريجين يجيدون أكثر من لغة أجنبية، كما يجيدون العربية إجادة تامة، فماذا يمنع هؤلاء من النقل المسرحي إلى اللغة العربية؟ إنهم أعرف من جمهور القراء بما نقوله هنا عن المسرح والأدب المسرحي، فهل

<<  <  ج:
ص:  >  >>