الذي يحول بينهم وبين هذا العمل هو نفسه ما يحول بين كبار الأدباء في مصر وبين المسرح والدرامة المسرحية؟ على أننا نعفي من ذلك هيئة خريجي قسم اللغة الإنجليزية التي تنفي عن نفسها تهمة الكسل بما تقدمه لنا أحياناً من إذاعات تمثيلية جيدة وإن تكن مقتضبة. . .
٣ - أما جريرة وزارة المعارف في تأخر الترجمة فهي بلا شك أعظم شأناً من جريرة كبار الأدباء ومن جريرة كلية الآداب؛ ومن المؤلم جداً أن يكون ذلك كذلك، وفي وزارة المعارف إدارة للترجمة يرأسها مدير مجد صبور على العمل، ويشرف عليها رجل ارتبطت به نهضتنا الأدبية الحديثة إلى حد بعيد، وكان من حسن حظ هذه النهضة أن يتزعمها من نحو عشرين عاماً. . . ذلك هو عميد الأدب العربي، ومؤلف (مستقبل الثقافة في مصر) ومستشار وزارة المعارف الفني. وقد يخيل لي أن الكلام هنا لابد أن يكون شائكاً لأنه يتناول الإدارة التي أعمل فيها منذ عهد قريب، ولذلك أعتذر مقدماً عن صراحتي التي جرّت عليّ كل مصائبي في هذه الحياة، لأني إن لم أكن صريحاً في الكلام عن هذه الإدارة فماذا أكون؟ إن إلواء الكلام لم يكن قط من سجاياي، وإن كان - قبحه الله - من أحسن فضائل العصر الحديث! وقبل أن أخوض في نقد المنوال الذي تسير عليه إدارتنا المحترمة أنقل للقراء ما يأتي من كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) الذي ألفه الدكتور طه حسين بك. قال حضرته في الفصل الثالث والخمسين (جـ ٢ - ص ٤٩٦ وما بعدها): (وفي حياتنا العقلية تقصير معيب يصيبنا منه كثير من الخزي كما يصيبنا كثير من الجهل وما يستتبعه الجهل من الشر. ولا بد من إصلاحه إن كنا نريد أن ننصح لأنفسنا ونعيش عيشة الأمم الراقية. وإن كنا نريد أن ننصح للعلم نفسه ونشارك في ترقيته وتنميته. وإن كنا نريد أن ننصح للشعب فنخرجه من الجهل إلى المعرفة، ومن الخمود والجمود إلى النشاط والإنتاج. ومظهر هذا التقصير المخزي إهمالنا الشنيع للترجمة والنقل عن اللغات الأوروبية الحية. . . إلى أن يقول. . . ونحن من غير شك أقل الأمم حظاً من الترجمة، وأقلها علماً لا أقول بدقائق الحياة العقلية الأوربية بل أقول بأيسر مظاهرها. . . وينشأ عن هذا أننا لا نترجم؛ وكيف نترجم إذا كنا لا نقرأ؟ وكيف نقرأ إذا كنا لم نثقف هذه الثقافة التي تجعل القراءة جزءاً مقوماً لحياتنا اليومية؟ وينشأ عن هذا خطر عظيم جداً وهو أن القارئين الكاتبين منا