ولأترك لك بقية القصة، قصة البولونية تلحنها أنت وتغنيها أنت. . . وتزفر بها أنت. ثم تبكي بها ملء عيون الإنسانية وملء قلوبها يا وتر!
تعال. . . تعال أسمعك من أناشيدي الباكية يا وتر!
هل سمعت ما قالت كيتي اليونانية، عذراء كوريتزا، وهي تبكي؟! إن أنين القيثار كله يذهب في بعض أنينها يا وتر. . . لقد كانت تذيب روحها قطرات من الدمع المختنق ترسله قطرة فقطرة من عينيها الثرتين، إذ هما ترويان مأساتها. . . مأساة أفروديت ويالَّلا وسيرز وبندورا. . . بل مأساة الجمال والحكمة والخير والأمل!!
اسكبي دموعك يا ورود الحديقة على فينوس الجميلة التي أثخن الأعداء جسمها البض بجروح الوحشية المتبربرة المزهوّة بالطائرات والدبابات والغواصات والطرابيد!
اسكبي دموعك يا ورود الحديقة على أدونيس الغُرانِق الذي جند له الخنزير البري وراح يلغ في دمه، ويسلب القوت من أطفاله العُراة الظِّماءِ الجياع الذين هبوا يردون من عرينهم الضبع، فهب الخنزير البريُّ إلى معونة ابن عمه. . . لكنه ذاده آخر الأمر عن الجثة التي غرز فيها أظافره، ووقف على رمتها يُقهقه ويُغني
اسمع إلى كيتي عذراء كوريتزا يا وتر، وهي تروي مأساتها:
(لقد كان لي أب. . . لقد كانت لي أم. . . لقد كان لي كِنارٌ حبيب يملأ حديقة حياتي ترجيعاً وتسجيعاً. . . يبتسم لي وأبتسم له. . . ويملأ قلبي بالمُنى البيضِ، وأفعم حياته بغُر الأماني. . . ثم جاءت القائمة السوداء تنعيه من ميدان المجد والشرف. . . فلبست عليه البياض الذي ترى يا وتر. . . لأنه قَدَّم قلبَينا قرباناً للوطن. . . ولما مضيت في إثره أقتل الهون البرابرة الذين قتلوا كناري، قبض عليَّ سفّاحهم في طريق الحومة، ولما أقتل من كلابهم غير عِلْجَيْن. . . فوا أسفاه على أن لم أُروّ الأولمب بدمائهم جميعاً. . .)
اسمع إلى لحن الإنسانية المجنونة يا وتر!
الإنسانية التي أصابها هذا السُّعار المحزن الذي جَرح القلوب وقَرح العيونَ وبرِّح بالقافلة. . .