- حدثنا الأستاذ محمد المهدي بك في إحدى محاضراته بالجامعة المصرية سنة ١٩١٧ أن السفينة التي أقلت ابن خلدون من تونس إلى الإسكندرية غرقت وهي مشرفة على الشاطئ، فهلك أهله وأصحابه، ونجا بعد أن كاد يمسي من المغرَقين
- وإذن تكون جولات ابن خلدون على شواطئ الإسكندرية مناجاة لتلك الأرواح، وهذا معنى جهله السخاوي ولن يجهله أبو العيون
- في هذا الكلام لواعج ذاتية، فهل كان لك مع شواطئ الإسكندرية تاريخ؟
- كان ذلك أيام الاعتقال
- هل اعتُقِلْتَ يا دكتور؟
- قال ناسٌ إني كنت من خطباء الثورة المصرية، وإنني استصبحت بغياهب الاعتقال
- وأنا أيضاً لم أسمع به قبل اليوم
- تلك إذن دعابة من دعاباتك؟
- هي دعابة من دعاباتي، بلا جدال، ولكن لها عقابيل
- لا تؤاخذني يا دكتور في جهل هذا الجانب من حياتك
- أي جانب؟ أنا أمزح!
- وأنا أحب أن أسمع هذا المزاح
- دخلت الإسكندرية أول مرة في سيارة مغلقة من سيارات الجيش البريطاني، دخلتها بعد انتصاف الليل وفي أعنف وقت من قسوة الشتاء، فاجتهدت في زحزحة الأحجبة عساني أرى وجهاً من وجوه الحياة فوقع نظري على غابة من النخيل
- وأين كان المعتقل في الإسكندرية؟
- لا أدري أين! كنا في (سيدي بِشْر)، ولكن أين؟
- هل فكرت في التعرف إلى مكان الاعتقال؟
- فكرت وفكرت، ولكني لم استطع الاهتداء إليه، برغم الشوق إلى المكان الذي أودعت فيه ذخائر شبابي
- هذه رموز تحتاج إلى تفاسير
- كنت بطل البحر في ذلك العهد، ولعلني أول سابح عرفته البحار على نحو ما كنت