للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- وكيف؟

- كنت أثبتُ قدميّ في الماء بصورة لا تختلف عمن يثبت قدميه فوق الجبال، وكان من المستحيل أن أتزحزح ولو صارعني أمهر السابحين، فأين الماضي الجميل لعهد فتوّتي وشبابي؟ أنا اليوم أزور الشاطئ زيارة الطيف، وكل ماضيّ فيه أنني أنقذت من الغرق جماعة فيهم فلان، وهو مخلوق لا يؤذيه أن يُذكر فضلي عليه وبعض الناس يكربهم الوفاء!

- وبمثل هذه الخواطر تزور هذا الشاطئ؟

- ينبغي أن أقول كلاماً من هذا الطراز، لينسى الناس أنني قلت فيه:

رعاه الحب من شطٍّ جميل ... خفيف الروح مصقولٍ أنيقِِ

بهيّ الرمل تحسبهُ سُجُوفا ... مطرَّزةً بحبات العقيق

أطوف به فيغلبني خشوعي ... كأني طفت بالبيت العتيق

- هذه شيطنة الشعراء!

- وماذا يصنع الملائكة لو طافوا بهذه الشواطئ؟ هل ينسون أن الله هو الذي جمَّل هذه الخلائق؟ هل ينسون أن أعظم نعمة من نِعم الله هي نعمة الجمال الوهّاج؟ هذه الشواطئ كنوزٌ أتحف الله بها هذه البلاد، فلنشكر لله هذه التحفة الغالية، ولنسأله أن يجعل أيامنا مواسم لشيطنة الشعراء

ثم انتقل الحوار إلى مسائل سأعود إليها بالتفصيل بعد حين

تمثال سعد باشا

أعجب ما يقع في مصر أن يفاجأ الجمهور بأشياء لم يؤخذ فيها الرأي، كالذي وقع في تمثال سعد باشا زغلول، وإلا فمن يذكر أن تمثال سعد أُخذت فيه الآراء قبل أن يقام في القاهرة والإسكندرية على ذلك الوضع الغريب؟

قاعدة التمثال يعاب عليها ما يعاب على قاعدة التمثال القائم بميدان باب الحديد، فهي مرتفعة بطريقة لا تخلو من عُنُجهية

والتمثال نفسه سيئ التعيير في أكثر نواحيه، فعزيمة سعد باشا تتمثل في يده الشمال، وقد أُرخيتْ يمناه بصورة لا تليق

وهنالك لوحة جانبية تَفْرض على سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>