أعصاب المترفين من جمهور النظارة. . . فما لهم ولهذه المهلكات التمثيلية، وما جاءوا إلا ليلهوا هذا اللهو الخفيف الظريف الذي لا يسيل دموعاً ولا ينكأ في القلوب أوجاعاً!! ولا شك في أن شكسبير كان يرتد على عقبيه كسير الفؤاد كاسف البال فينطوي إلى الأبد على نفسه، وتضيع عبقريته التي تألقت في عصر إليزابث هباء منثوراً)
وقد عولج هذا الخطر في إنجلترا علاجاً جميلاً، إذ أنشئ في كل مدينة إنجليزية هامة مسرح من المسارح باسم أو المستودع - إن جازت هذه الترجمة السقيمة - أو مسرح الروايات التي سبق تمثيلها. وتمتاز هذه المستودعات بقلة النفقات، إذ لا يتجاوز مصروفات أحدها المائة من الجنيهات كما تمتاز بتفاهة أجور الممثلين وثبات ما تنفقه على المناظر لأنه لا يتكرر إلا كلما رث وأصبح غير صالح للاستعمال، ثم هي معفاة تقريباً من مصروفات الإخراج. فمن أشهر تلك المسارح مسرح برمنجهام الذي يدين ببقائه لكرم المستر باري جاكسون؛ ثم مسرح منشستر الذي كان يدين بوجوده للمِنح الكبيرة السخية التي تنفحه بها الآنسة تلك الإنجليزية العجيبة التي كانت تنفق من حر مالها على مسارح كثيرة حفظاً لها من الإنحلال؛ فمن تلك المسارح التي كانت تنعم بأعطياتها مسرح دبلن بإيرلندة أما مسرح هو الآخر يعتمد في مواصلة أعماله على كرم اثنين من أسخياء الإنجليز. . . وقد كانت معظم هذه المسارح تستمد قوتها من مسرح الكورت بلندن الذي كان يأذن لها جميعاً في تمثيل رواياته بل كان يمدها ببعض ممثليه. . . على أن مسارح المستودعات كثيراً ما كانت تحيد عن تقاليدها فتخرج روايات جديدة للمؤلفين المبتدئين. ومن هنا كانت فائدتها الجزيلة في إظهار عبقريات إنجليزية لم تكن لتبرز إلى الوجود لولا هذه المسارح. وحسبك أن تعلم أن برمنجهام كان الحقل الأول الذي نما فيه جون درنكووتر حيث أخرج له روايته المعروفة (أبراهام لنكولن)، كما نما فيه أيضاً شاعر الأوبرا المشهور (رتلاند باوتن)؛ وأن مسرح دبلن كان الحقل الأول الذي ازدهر فيه العاهل الدرامي الكبير جون. م. سينج والمستر لِتكس روبنسَن والليدي جريجوري. والذي يهمنا من هؤلاء الثلاثة هو سينج الذي يسمو إلى مرتبة شو في المسرح الإنجليزي الحديث؛ ولولا مسرح دبلن لما ظهر في الوجود. وفي مسرح منشستر: الـ ظهرت عبقرية ستانلي هاوتن، شارلز ماك إفوي ومستر الآن منكهوس. وفي ليفربول تألق نجم المستر رونالد جينس