الاستحياء والتعفف لا لشيء. . . إلا لتمتلئ بطونهم بنار الذهب الوهاج. . . ليقتنوا الدور ويشيدوا القصور. . . وليضاعفوا بعد من آلامها. . . تلك الآلام التي يشربونها في كؤوسهم خمراً لذة، وسلافة مزة، وشرباً لا بارداً ولا طهوراً!
لقد طال بكاء معروف ومسغبته يا ألف ليلة، فامنحه طاقيتك ليستخفي بها قليلاً من عصا زوجه وثقلها. . . فما جنى شيئاً؛ ولكن جنت عليه تلك الحرب التي لم يشعل نارها وهو يصلى بأوارها
أين الخاتم يا ألف ليلة؟ خاتم الملك العجيب الذي يملك الدنيا من ملكه؟ أين خادمه الجبار لينقل الإنسانية إلى كوكب غير هذا. . . كوكب بعيد قصي. . . كوكب غير قريب من المريخ فلا يراها مارس وأعوانه المردة الذين لا ري لهم إلا من دماء الأبرياء، ولا شبع إلا. . . بأكباد الأمهات والأيامى والمساكين وقلوب اليتامى والحزانى
أين خبأت هذا الخاتم يا ألف ليلة؟ لماذا تبخل به علي إصبع الإنسانية المرفوع إلى السماء، والدم يقطر من بنانها؟ من به عليها لتكتم أنفاس المدافع، ولتوزع على الجائعين أرغفة بدل هذه القنابل والمنشورات التي تلقيها عليهم الطائرات؟
لقد ضلت الإنسانية سبيلها في تلك المفازة، فألق إليهم بالخاتم يا ألف ليلة. . . ولقد اشتد الظلام الذي تضرب فيه على غير هدى؛ فأشعل لها مصباح علاء الدين لحظات حتى تتبين سبيل الرشد، وحتى تفئ إلى الحق، وحتى تعود لها نعمة الحياة التي يعدها المردة من سخافات الماضي
(لماذا هذا الحديث الطويل عن الدم والآلام والحلبة؟
أليس في الدنيا ركن أختبي فيه بهذا الناي الذي في يميني، وذاك القرطاس الذي في شمالي، حيث أخلو إلى أناشيدي التي أملأ بها أسماع الرياح وآذان الآرام؟
لماذا يعوزني التحدث إلى الإنسانية ذات الأسمال، وها هو ذا الورد يصغي إلى ألحاني، ويعطر الحديقة الضاحكة بعبير بياني؟)
هكذا وقفت شهر زادك تسأل نفسها يا ألف ليلة:
(سأمشي على ثبج هذا البحر بقدمي الجميلتين، فنهرع إلى جنياته وعرائسه. . وسأسبح على رؤوس الآكام في الهواء فتثب إلى بنات الغاب وعذارى الخمائل. . . ثم أسبح فوق