للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرضا وحب الإحسان، مع الشعور بآلام الغير وبأفراحه ومشاركته في بأسائه وفي ضرائه

ولقد عاش دكنز حتى شاهد بعيني رأسه جل نظراته يتحقق، وأكثر أمثلة العليا يصبح أمراً واقعاً ونهجاً في الحياة مسلوكاً

وهو يعد - إلى جانب ذلك - أول من رفع من شأن الروح (الفكاهي المرح) في إنجلترا واحله في الأدب مكاناً مرموقاً. فلقد كانت الشخصيات الفكاهية قبل دكنز أمثلة تامة للخيبة والجهالة، ووسائل مصطنعة للإضحاك والترفيه ليس غير. . . حتى جاء دكنز فنفض عن هذا الروح غبار الإهمال والتخلف. وهو ذلك لم يبتدعه من نسج خياله أو يخلق به شيئاً من العدم؛ وإنما وجده بأتم أوضاعه في أزقة لندن، واقتبسه من صدور أبنائها - بل من صدره هو نفسه - ثم أظهر للناس قيمته في تذليل مصاعب الحياة ومواجهة أحداثها

ويقول الإنجليز إن هذا الروح المرح، روح أبناء لندن الصميمين، أو ما يسمونه: هو سر نجاحهم ودعامة انتصارهم في كل معترك. وإنه - إذا حللناه - لمزيج عجيب التركيب من الهدوء والسخرية والصلابة والاستسلام والتصميم جميعاً وذلك شئ قديم في طبائع القوم، ولكن جاء دكنز فأعطى منه أمثلة روائع تنبض بالحياة، فأدبر بذلك من قيمة، ورفع من قدره كخلق اجتماعي نافع، وسلاح في معترك الحياة لا يفل له أو حد أوتنبو عنه ضريبة.

مراحل أخرى

نشر دكنز جل رواياته في حلقات أسبوعية متتابعة، فكان لا يرى أكثر وقته إلا منهمكاً في تحرير أو غارقاً في تفكير. . . ولقد أثر فيه هذا المجهود المضني فألم به المرض غير مره خلال عام ١٨٤١م

ثم رحل إلى أمريكا طلباً للاستشفاء والراحة فقوبل هناك بأجل مظاهر الحفاوة. ولما عاد اصدر كتابه (مذكرات أمريكية) ويبدو أنه كان فيه صريحاً إلى الحد الذي أثار عليه عاصفة قوية من الاحتجاج في سائر مدن الولايات المتحدة!

ومرت فترة قصيرة ظهر بعدها بقصته (أغنية عيد الميلاد) فكانت الحلقة الأولى من سلسلة روايات عيد الميلاد التي دأب على إصدارها في مثل هذه المناسبة من كل عام

وفي سنة ١٨٤٦م تولى رئاسة تحرير الديلي نيوز، ولكنه تخلى عن هذا المنصب بعد قليل ليمضي في رحلة إلى سويسرا، وهناك كتب رواته: دومي وولده

<<  <  ج:
ص:  >  >>