الديني والسياسي مما يزيد في ثروة اللغات. ومن هنا نجد في القرآن وفي الأحاديث ألفاظاً أجنبية منقولة من اللغات الفارسية والعبرانية واليونانية والحبشية والمصرية، لأن ذلك الضجيج وذلك الجدال قضيا باقتباس تلك الألفاظ من تلك اللغات. وكذلك الحال في كل لغة تعرف أهلها إلى طوائف من الشعوب
قولوا الحق، أيها الناس
هل كان العرب الذين تلقوا القرآن يلتفتون إلى أن كلمة (سندس) كلمة فارسية وأن كلمة (اليم) كلمة مصرية؟
إن تنقية اللغات من الدخيل فكرة حديثة العهد بالوجود في أكثر بقاع الأرض، ولعلها لم تعرف إلا بسبب العصبية العنصرية، كالذي وقع حين رأى الفردوس أن تخلو (الشهنامة) من الألفاظ العربية فيما قبل، وكالذي وقع من الأتراك فيما بعد، وهذه وتلك من النزعات الشعوبية، وهي نزعات تزيد في نفرة الأمم بعضها من بعض، بلا نفع ولا غناء
وإذا جاز هجر الألفاظ المنقولة من لغات أجنبية فكيف يجوز هجر الألفاظ الأصيلة في اللغة العربية؟
أنا أشوف أن الأستاذ عنتر يجانب الصواب حين ينكر كلمة (شاف) بمعنى (أبصر) مع أن العرب قالوا تشوف بمعنى تطلع
أنا أشوف أنه أخطأ حين قال:(إن كتب التاريخ ليست متون لغة يعتمد عليها في إثبات الكلمات العربية)، فأكثر المؤرخين أدباء فضلاء، ومؤلفاتهم تعد من المراجع اللغوية
قال ابن مسكويه (وخرج الجند بالبوقات والطبول) وهو كاتب فحل يكاد يعاصر المتنبي، أفلا يكون كلامه شاهداً على أن (البوقات) كانت كلمة اصطلاحية في ذلك الحين، وهل كان يصعب على المتنبي أن يقول (أبواق) لو كانت هي الكلمة التي يريد؟
وهل نخطئ المتنبي لنصوب من نقدوه عن جهل، ولنصوب من نقلوا ذلك النقد المنحرف بلا بصيرة ولا يقين؟
وما الرأي في كلمة (مستشزرات) التي عابوها على امرئ القيس منذ اشتغلوا بعلم البلاغة إلى اليوم؟