للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهيكل مؤرخ عقيم لا يصبر على مرارة التمحيص، ثم هو داعية متحمس، والعلم ينافي الدعاوة وينافي التحمس. . . . . .

هكذا يقول أدباء الشباب، وهكذا يكتبون في صحفهم، ويتحدثون في مجالسهم، ويسمرون في نواديهم. والمدهش حقاً أنهم من كثرة ما يرددون هذا اللغو أخذوا يظنون أنه الحق بل أخذوا يعتقدون أنه الحق

أما الأدباء الشيوخ فيغمزون الشباب دائماً ويلمزونهم دائماً ولكنهم قلما يصرحون بشيء فيما يردون على به تلاميذهم البرمين الثائرين المتسخطين، وهم يلتزمون الصمت ويلوذون به لأن هؤلاء التلاميذ الخصوم لم يعودوا يعرفون التأدب والاحتشام في مخاطبة أساتذتهم أو في مقارعتهم، فهم لا يبالون أن يقولوا إن هؤلاء الشيوخ أصبحوا أصناماً للأدب في مصر يعكف القراء على عبادتهم، وأنهم لا يتركون للشباب من الأدباء متنفساً من الهواء، لا في مصر ولا في الشرق العربي، وأن لا مخرج لهم من هذا الضيق ولا منفذ من هذا الحرج إلا بتحطيم تلك الأصنام الطاغية العاتية. . . ليخلو لهم وجه الأرض فيبيضوا ويصفروا!

وهذا التعبير القاسي هو من أيسر ما يقولون قدحاً في الرجال الذين بنوا لنا نهضتنا الأدبية والفكرية. وهو دليل على أن المعركة بين الشيوخ والشباب قد انحرفت عما كنا نرجو من ورائها من خير

على أن واحداً أو اثنين من شيوخ الأدباء لم يصبروا على أن يبسط الشباب ألسنتهم على هذا النحو. وأحد هذين هو الأستاذ العقاد، فقد كتب في هذه المجلة كما كتب في غيرها يرد على هؤلاء الشباب فرجمهم رجماً موجعاً. . . وأحسب أن الصيف كان يفعل أفاعيله في أعصاب الأستاذ الجليل فانحرف به القيظ عن الجادة، إذ راح يتهم هؤلاء الشباب بأنهم شيوعيون هدامون، وأنهم يحسدون شيوخ الأدباء الذين يغمرون السوق الأدبية بالكتب، والصحف والمجلات المحترمة بالمقالات. . .

وتهمة الشيوعية هنا تهمة باطلة لا أساس لها من الحق، وقد أرسلها الأستاذ إرسالاً لا تثبت فيه ولا روية، وأكبر الظن أنها صائرة إلى ما صارت إليه تهمة الإلحاد القديمة التي سمجت حتى قضت على نفسها القضاء المبرم. ونحن نتمنى أن ألا نتراشق بالتهم، وألا نبتدع فيها تلك الألوان المهلكة التي تنافي ثقافتنا وديننا وتضر نهضتنا وبلادنا. . . وقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>