والذي لا يريد كبار أدبائنا إنقاذنا منه وستر فضيحتنا فيه. . . ولست أدري لماذا لا يتصل كبار أدبائنا بالسينما والتأليف السينمائي؟ ولست أدري كذلك لماذا لا يتصل مديرو الشركات السينمائية بهؤلاء الكتاب الكبار ويغرونهم بالمال الوافر والثراء الجم والربح الكثير إذا هم كتبوا لهم قصصاً طويلة تمثل حياتنا وتصورنا التصوير الصادق الذي لا يعرف الشعبذة ولا يدنو من التهريج ولا يفضحنا بين الأمم. إن شركات كثيرة في مصر تستطيع أن تسيل لعاب أحسن كتابنا بخمسمائة أو بألف من الجنيهات ثمناً لقصة يكتبها في شهر أو شهرين أو في ثلاثة أشهر. . . ومن قصصنا الجاهزة عدد كبير يصلح جداً للعرض السينمائي، وهو غني بموضوعاته، عظيم بأسلوبه، ثم هو بحالته الراهنة يصور من الحياة المصرية ألواناً مختلفة صادقة بحيث يزري بمئات من الروايات الأجنبية السمجة التي تضر تقاليدنا، وتفتك بأخلاقنا، وتشيع في نفوس شبابنا الرخاوة والطراوة والاستخذاء. يجب أن يدرك كل أديب مصري وطأة استعباد الأفلام الأجنبية لنا، ويجب أن يتعاون الأدباء مع الشركات في إنقاذنا من نير الأدباء الأجانب الذين يفرضون ثقافتهم وأفكارهم علينا، بكل ما في هذه الثقافة وتلك الأفكار من مزايا وأضرار، والذين ينسخون أدبنا القومي الناشئ بآدابهم الفتية الناضجة. . . إننا نحمي الصناعات المحلية الناشئة بزيادة المكوس، فلا أقل من أن نحمي إنتاجنا الأدبي بإغراء كبار الكتاب عندنا بالمساهمة في التأليف السينمائي، وإقناع الشركات المصرية بمضاعفة الأجور لهؤلاء الكتاب حتى يرفعوا مستوى القصة السينمائية ويجنبوها هذا الإسفاف الذي ينتهي إلى الرثاء والسخرية، وانصراف الطبقة المستنيرة عن شهود الروايات المصرية. . . على أن داعي الوطن واللغة والأدب كان ينبغي أن يقنع هؤلاء الكتاب وتلك الشركات بأن يسووا المسألة بينهم فيخدموا الوطن واللغة والأدب مخلصين، كما كان ينبغي أن ينظر إلى القضية من زاويتها الاقتصادية أيضاً، إذ أصبح من أشد الجهل أن تتعامى الدولة وتتعامى الأمة عن هذه الألوف الضخمة من الجنيهات التي تسلك سبيلها من جيوب المصريين إلى جيوب شركات السينما الأجنبية، تلك الألوف من الجنيهات التي كان ينبغي أن يكون لأدبائنا وشركاتنا كفل كبير منها إن لم يكن ينبغي أن يكون لهم معظمها. . . إن معظم دور السينما في القاهرة والإسكندرية وفي كثير من مدن الأقاليم هي دور أجنبية ونحن نشهد تلك الجموع الزاخرة من علية المصرين التي تتردد على تلك