إن رزق الأديب من الذوق، واللمحة الواحدة من طلعة البدر قد تكون زاده الروحي إلى آخر الزمان
إن الأديب الحق ليس أسيراً للوطن ولا أجيراً للمجتمع، فكيف يكون أسيراً لفلان، أو أجيراً لعلان؟
وعبد الحميد الديب لم يقتل نفسه عامداً متعمداً، فأنتم خدعتموه وضللتموه، وفرضتم عليه أن يستغيث بمعروفكم يا أشحاء!
تقول العبارة المصرية (فلان يقتل المقتول ويمشي في جنازته) وأنتم القتلة لذلك المخلوق الذي وثق بكم، وأنتم حملة المصاحف أو القماقم بجنازته العجفاء، فما قيمة براعتكم في الرثاء!
إن دموعكم يا قاتليه لن تنجيكم من غضبتي عليكم
فاسمعوا هذه الكلمة، واعلموا أن بكاءكم في هذا الاحتفال سيمر بلا ثواب، وقد يكون مجلبة العقاب، لأنكم تزينون لسامعيكم حياة لا ترضونها لأنفسكم إلا مكرهين
ثم قلت: وماذا في خطاب وزير الشؤون الاجتماعية؟
إن فؤاد باشا سراج الدين يعد بأن سيضع نظاماً يقي الأدباء شر التشرد، وأنا باسمكم أعلن استقلال الأدب عن الحكومة، فما يجوز أن نطلب الاستقلال لبلادنا ونطلب الحماية لأقلامنا
إن تطوعت الدولة برعاية أديب أعجزه المرض عن طلب الرزق فذلك عمل يستأهل الثناء، ولكننا نرفض حمايتها لأديب يستطيع كسب القوت، ولو بالفأس والمحراث
نحن لا نطالب الدولة بشيء وإنما نطالب أنفسنا بكل شيء، فمن الواجب أن تكون لنا مشاركات في جميع الميادين، ومن الواجب أن نكون رجال أعمال، كالذي صنع شيخنا طلعت حرب، فقد حول ذوقه الأدبي إلى الاقتصاد. وبهذا استطاع أن ينظم أعظم قصيدة عرفتها اللغة العربية، وهي (بنك مصر) ثم أردف القصيدة بمقطوعات هي تلك الشركات
وإذا بدا لنا أن ننسحب من ساحات الثراء فليكن انسحابنا عن زهد لا عن يأس، ولنكن في فقرنا نساكاً لا عاجزين، فالنية التجرد عن الدنيا نية مقبولة، على شرط أن تكون من وحي التحليق لا وحي الإسفاف
إن الأمم القوية تستطيع تلوين الأنظمة السياسية بشتى الألوان، وتستطيع أن تبلغ صوتها