للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى آفاق الشرق والغرب، وتستطيع أن تعقد المعاهدات وتثير الحروب، ولكنها لا تستطيع خلق الأديب، لأن الأديب لا يخلقه غير فاطر السماء

الدنيا لنا، إن شئنا، فالمواهب الأدبية أعظم المواهب، ولو بذلنا في طلب الدنيا معشار ما نبذل في طلب الأدب لكنا أغنى الناس، فلتكف الدولة برها عنا، فنحن كأشجار الصحراء، لا نرجو غير ندى السماء

أيجود الله علينا بالأدب ويبخل بالرغيف؟

قولوا كلاماً غير هذا، فلن يتخلى الله عنا، وسنظل بفضله أغنى الأغنياء

الصديق

في هذه اللمحة صلصل الهتاف مؤذناً برحيل الأستاذ طه الراوي عن القاهرة بعد دقائق، فما الوسيلة لتوديع رجل كانت داره ولن تزال دار المصريين في بغداد؟

حين تقرر سفر الأستاذ صادق جوهر إلى العراق كان من الواجب أن أقابله أنا والدكتور عبد الوهاب عزام لندله على أصدقائنا هناك، وقد دللناه على رجلين: طه الراوي ورضا الشبيبي، مع حفظ الحقوق لسائر من عرفناه من كرام الرجال بوطن دجلة والفرات

وقد كان عجباً للناس أن يروني أذكر العراق بالخير في كل وقت، وفاتهم أن يعرفوا أن المصري حين يشرق لا يكون همه إلا معرفة الكنوز المجهولة من فضائل الشرق

ونحن عرفنا العراق، فهل رأينا فيه غير الجميل؟ ولنفرض أن فريقاً ممن عاشوا في العراق عانوا بعض المتاعب، فمتى خلت الحياة مما يكدر الصفاء؟

وهل نجد السعادة كاملة في أي أرض حتى ننشدها كاملة في العراق؟

إذا عز علي أن أصافح الأستاذ طه الراوي وهو راجع إلى بغداد فلن يعز علي أن أخلق ألف فرصة وفرصة للحديث عما يتحلى به من شمائل وآداب

قلدوا قلدوا

كان الأستاذ عبد الجبار الجلبي قد صارحني بأنه غير راضٍ عن القاهرة، لأنها أصبحت صورة منقولة من المدائن الأوربية، وقد أجبت بأن مزية مصر هي سرعة النقل، وقد نقلت مصر فكرة الانتفاع بالسكك الحديدية قبل أن ينقلها الأتراك، مع أنها كانت في ذلك الوقت

<<  <  ج:
ص:  >  >>