وحين دخلنا سنتريس قال السيد عبد الجبار: إن مدخل سنتريس مدخل قرية أوربية لا قرية شرقية، فكيف انتقل التقليد إلى الريف؟
فأجاب الأستاذ الراوي: لقد حان الوقت لتبديد النصيحة السخيفة، نصيحة من يقول: لا تقلدوا مثل القرود، فكما كان القرد أذكى من الحيوان إلا لأنه يقلد كما يقلد الإنسان، وهل كان الحمار حماراً إلا لأنه يغفل عن التقليد؟ وهل أفلحت إنجلترا إلا بتقليدها ما يجد من الاختراعات الأوربية والأمريكية؟ قلدوا مثل القرود، ولا تغفلوا غفلة الحمير، فنحن نرى قرداً يعلو ظهر حمار، ولا نرى حماراً يعلو ظهر قرد
الشيخ المراغي
في محطة القاهرة رأينا شيخاً من بعد، فقال ضيوفي؛ من هذا الشيخ المهيب؟ فقلت: هو الشيخ المراغي، فتعالوا نسلم عليه، لتقولوا إنكم سلمتم على شيخ الأزهر الشريف
وأسرعت فاستوقفت الشيخ ليسلم عليه ضيوفي، فقال الشيخ حين رآهم: هل جئتم للسؤال عن طبيب ليلى المريضة في العراق؟
فقال الأستاذ الراوي: يا سيدي، إن الناس (يقولون ليلى في العراق مريضةٌ) هم يقولون، يقولون
فهتفت: وأنا أيضاً أقول، وليلى تفهم ما أريد
وفي القطار قال الأستاذ الراوي: إن الأزهر لم ير مثل الشيخ المراغي منذ ثلاثمائة سنة. فقلت: وهل تنسى الشيخ محمد عبده؟ فأجاب: الشيخ محمد عبده شخصية دولية لا أزهرية، ولو كان الشيخ عبده في صبر الشيخ المراغي لأتى في إصلاح الأزهر بالأعاجيب. إن الشيخ عبده كان ثائراً، والثوار لا يسلمون من أذى الجهلاء، أما الشيخ المراغي فهادئ، وهدوء المصلحين يشبه هدوء الينابيع المطمورة في جوف الأرض، فهو يتحرك والناس يظنونه في سكون. ولقد قرأت له كلمات في تفسير بعض آيات القرآن تضعه في الصف الأول بين رجال الاجتهاد
قلت: والحكم بأن الأزهر لم ير مثل الشيخ المراغي منذ ثلاثمائة سنة فيه جور على أسلافه من الأكابر، وفيه جور على الذاتية المصرية، وسأدعو الأستاذ الأكبر إلى وضع كتاب