وأما ثانيهما فيدعى جاون جودلك. والبطل هو أحد أولئك الأغرار المغفلين، أما خصمه فهو الحبيب المدلل المقرب. وتبلغ الملهاة ذروتها، حينما تجتمع الأرمل وصويحباتها ليقذفن إلى الشارع بالبطل المخبول وبأتباعه العرابيد، ثم تنتهي بصلح عام!
هذا وقد ألف جون ستل (١٥٤٣ - ١٦٠٨) ملهاته (إبرة الجدة جرتون ' على طراز ملهاة أودول، إلا أنه أشر بها كثيراً من روح الفكاهة الشعبية (البلدي!)، وأرسلها في لهجة عامية شديدة الغموض، حتى على الإنجليز المحدثين أنفسهم. وتتلخص الملهاة في أن الجدة جرتون كانت جالسة ترفو ثياب خادمها هودج، ثم ذهبت لقضاء أمر ما بداخل بيتها؛ فلما عادت والتمست الإبرة لم تجدها، فأخذت تسب الدنيا وتلعن الحياة وتسأل أهل الحارة عن إبرتها العزيزة المفقودة، ثم تلتقي بشحاذ أبله يدعى دكون فيخبرها أن فلانة من أهل القرية قد سرقتها، فتصيح بها الجدة جرتون، وتقبل المتهمة وتدفع التهمة عن نفسها، لكن جرتون تشتط في صياحها فتصيح المرأة الأخرى وتجتمع نسوة القرية جميعاً ليشاركن في هذه الملحمة المضحكة، ويتراشقن (بأشلق!) العبارات، ثم تهدأ العاصفة حينما يعثر الخادم هودج بالإبرة مثبتة في مكانها من الرقعة التي كانت الجدة جرتون ترفوها
وقد امتدح الناقد الكبير هازلت روح الفكاهة في هذه الملهاة وإن لم يمتدح لغتها. . . (لأنها غذاء شعبي شهي ليس غريباً على الجمهور الإنجليزي، وفكاهة بريئة تصويرية لأمزجة متشاكلة. . . قد نظنها لأول وهلة شيئاً لا قيمة له، شيئاً تافهاً غير جدير بالاعتبار، لأنه ليس كما عندنا. . . ونحن إذا انتقدناها انتقاداً سطحياً هكذا، كنا متجنين على هذا التراث الأدبي البدائي، وكنا كمن يرفض قراءة كتاب قديم قيم لأنه به بعض الأخطاء الإملائية!!)
مما تمتاز به هذه الملهاة اشتمالها على إحدى الأغاني الإنجليزية التي يهتم بها الإنجليز إلى اليوم. ويرجع العارفون أن هذه الأغنية ليست من نظم ستل، بل إنه قد أخذها عن شاعر آخر لا يعرف اسمه. ومما امتاز به أيضاً هذه الأسماء الفكاهية التي يلجأ إليها المؤلفون الكوميديون اليوم لتزيد في كثرة (النكت) ولتزيد بالتالي في كثرة ضحك المتفرجين - فالبطلة جامر جرتون أي الجدة جرتون، وقد يلحظ القارئ العربي النكتة في كلمة جامر التي هي نوع ترخيم جدة كما يرخمون جد فيقولون جافر وهنا موضع تفكهة للإنجليز. وخادمتها تب أي عاهرة، وخادمها كوك أي ديك، وجارتها كات أي قطة، وخادمة هذه