للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بأسلوب لا يدرك مراميه غير فلاسفة الجمال. إن اللون قد يحتفظ بالصورة، ولكنه لا يحتفظ بالحيوية إلا أن سقاه ماء الشباب. وحيوية اللون هي سر السحر في العيون الزرق والخضر والسود، وهي أيضاً السبب في أن يكون بعض السمر أجمل من بعض البيض، لأن الأمر كله لحيوية اللون، والقول بأن البياض نصف الحسن قول عليل، فلا قيمة لنوع اللون وإنما القيمة لحيوية اللون)

ثم صوبت بصري مرة ثانية إلى وجه الجنية وقد هممت بأشياء، فهبت مذعورة وهي تقول:

- ماذا تريد؟

- أريد أن أقرأ عليك هذه الكلمات

فرحت الجنية بما سمعت، ثم استسلمت إلى الهجود، وتركتني وحدي

أنا أقيم فوق جبل من البارود، وشرارة واحدة تكفي لتحويلي إلى رماد تذروه الرياح

- أيتها الجنية، إسمعي!

- لن أسمع، وإن كنت سمعت

- وما نومك هذه الليلة تحت بصري؟

- لأعرف ما عندك من المعاني، فاكتب كلاماً يرضيني ثم هجعت الجنية في غيبوبة أبلغ من يقظة القلب الخفاق، ونهضت قبل الشروق، لتبلغ مأمنها قبل الشروق، بعد أن عرفت أن الإسكندرية لا تقل روحانية عن القاهرة، والمنصورة وأسيوط

لم تكن ليلتنا مما ينتظر في دنيا الحقائق أو دنيا الأباطيل، ولا جاز في أوهامها أو أحلامي أن تجري بيننا شؤون يفضحها نهار أو يسترها ليل، فقد شقيت بالجنية ما شقيت، ويئست منها ما يئست، ولم يبق لي أمل يفوق السماح بأن أعيش في عذاب. . . وفي الحب سجون لا تدخل بدون استئذان!

كيف ظفرت بالجنية؟

أكان من هواها أن تزور المكان الذي نظمت فيه قصيدة. . .

أي قصيدة؟ وهل نظمت بيتاً غاب عنه وحيها الجميل؟

إن حياتي في جميع مناحيها الروحية لا تعرف غير تلك الجنية، وأنا لا أرى الدنيا ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>