والمباهاة كما يصنع المترفون من عشاق التحف وجامعي الألطاف ولو لم يعرفوا قيمتها أو يدركوا حقيقتها
أخذت فكرة جمع الكتب العربية تنمو في بلاد أوربا المختلفة، ومع مرور الزمن واتصال الشرق بالغرب، وحب الفريقين في الوقوف على تاريخ الشرق القديم وتتبع تطوره، وشغف هؤلاء بارتياد المجاهل الشرقية لأغراض سياسية أو لمآرب دينية - مع ذلك وغيره من العوامل تغيرت فكرة جمع الكتب الشرقية من مجرد المباهاة والتكاثر والتفاخر وتزيين القصور إلى فكرة الاطلاع والدرس والبحث والتنقيب والتنقير بما يتفق مع مصلحة الغربيين لا الشرقيين
فأنشئت دور كتب عربية عامة وألحقت بالمكاتب الأهلية العامة في العواصم الأوربية الكبرى كلندن وباريس وبرلين وفينا وروما ومدريد. وأخذت الولايات المتحدة في أمريكا - في مطلع هذا القرن - تهتم بالدراسات الشرقية وتنشئ بجانبها أقساماً للغات الشرقية في جامعاتها الكبرى. مثل جامعة شيكاغو التي تصدر مجلة:
ومثل جامعة كولومبيا التي تعنى بالدراسات العربية وتترجم أمهات التاريخ الإسلامي إلى الإنجليزية كما فعلت في كتاب فتوح البلدان للبلاذري الذي ترجمه الدكتور فيليب حتى السوري الأصل، والأستاذ الآن بجامعات الولايات المتحدة
ولقد زار بعض النابهين من أبناء البلاد العربية هذه المكتبات العربية في أوربا وتحدثوا عنها في كتبهم؛ كما فعل الشيخ رفاعة الطهطاوي في كتابه (تخليص الأبريز إلى تلخيص باريز) وكما فعل أحمد فارس الشدياق في كتابيه (الواسطة في أحوال مالطة) و (كشف المخبا عن فتون أوربا)، وهما من مطبوعات الجوائب بالآستانة، وكما فعل أمين فكري بك في كتابه الممتع المفيد (إرشاد الألبا إلى محاسن أوربا) المطبوع بالمقتطف سنة ١٨٩٢
ولقد حدث الشيخ محمد محمود الشنقيطي: أنه لما أرسل من الآستانة إلى أوربا لمشاهدة دور الكتب (وجد فيها كثيراً من الكتب العربية القديمة العهد العظيمة النفع المعدومة الوجود في بلاد الشرق على العموم)
ولعلي باشا مبارك في كتابه علم الدين وصف شامل لمكتبة عربية خاصة في باريس ذكر