وأما الشاعر الكاشف فليس لدينا ما نقوله فيه، ولا نملك إلا الدعاء له بحسن الحال ورغد العيش. . . وأما شكوى صديقنا الجبلاوي من تعطيل درامته (ديك الجن) وما كان لهذا التعطيل من نكسة أدبية في نفسه، فأنا لا أقر وجهة نظره وأنا بالرغم مما سقته في مقالاتي عن المسرح المصري من لوم الوزارة، لا أرى أن يتكل أدبائنا على العون الذي يحلمون به من الدولة، بل أرى أن يثور الأدباء على طريقة الإنتاج الأدبي القديم - أدب القصيدة والمقالة والمقطوعة - وإغراق السوق الأدبية بأدب القصة والدرامة - المنظومة والمنثورة - والملحمة والقصة المنظومة. . . ثم أنا زعيم للصديق الجبلاوي بأن اليوم الذي يستطيع الأدباء أن يدووا بأصواتهم في آذان الوزارة فتصيخ لهم وتستجيب لندائهم قريب لا ريب فيه، وإن لم تستجب الوزارة طوعاً فثمة وسائل لا حصر لها لإغرائها بالاستجابة. ويجب أن نستعد لهذا اليوم بأن نملأ أيدينا بهذه الألوان من الأدب التي يفتقر إليها الأدب العربي. . . وفرصة الأدباء وافية مؤاتية، فزعيمهم وعميد الأدب العربي لن يملك إلا أن يمد يده لتلك الحركة بالعون والمساعدة، والعون والمساعدة إنما ينبغي أن ينحصرا أول الأمر في أن تطبع الدولة على نفقتها ثمرات قرائح أدبائها المجددين ثم مكافئتهم ولو في حدود (جهد المقل!). . . وقبل أن أفرغ من استعراض شعرائنا الشيوخ لا أرى بداً من التنويه بالأستاذ فريد أبى حديد وكيل دار الكتب الآن وناظم مقتل عثمان وغيرها وغيرها. . .، فلقد سألته مرة ماذا أعد لسوق الأدب، فتبسم ضاحكاً ثم قال مازحاً:(إن صواميله قد نعمت! وأن لا رجاء في عودتها للعمل!) وأنا أسأل الله أن تخشن هذه الصواميل ليعود دولاب أبى حديد إلى المساهمة في ثورة الأدب العربي من جديد
هذا هو موقفنا من شعرائنا الشيوخ صريحاً لا لبس فيه. . . أما شعراؤنا الشباب فهم بكل صراحة أملنا ومعقد رجائنا في مستقبل الشعر العربي. . . وقد بدأ كثيرون منهم يستجيبون لدعوتنا. . . وقد وصلتني (عينات) شائقة بالفعل تنبئ بتباشير نهضة رائعة. ولست أذيع سراً إذا بشرت القراء الأعزاء بأن صديقي الشاعر النابه الأستاذ محمود الخفيف قد فرغ بالفعل من نظم ملحمة باكية في مقتل الحسين رضي الله عنه. . . ولست أذيع سراً آخر إذا بشرتهم بما بشرني الأستاذ الخفيف من أن الشاعر المبدع علي محمود طه أوشك على الفراغ من نظم درامة رائعة سيفاجئ محبيه بها قريباً