وقد تعلو وتميل بغتة حتى لتشبه أكثر مناطق الأرض وعورة، ومن أغرب ما في تلك السلاسل جسور قليلة العلو إلا أنها مسرفة في الطول تمتد بين الجبال فتربط الكبير والصغير والمجموع بالمنثور.
أما الشيء الثاني فجبال ذات فوهات كالبراكين هي في الواقع أخص مظاهر السطح، وهي فوهات أوسع كثيراً من فوهات البراكين الأرضية، فجبل كوبرنكس يبلغ قطر فوهته فوق الخمسين ميلا، وتختلف تلك الجبال الفوهية في مظهرها، فبعضها فوهته كالحائط المستدير، وبعضها تكسرت فوهته فظهر ما بقي منها كالجبال تجمعت في استدارة حول حفرة الفوهة، وبعضها عمقت حفرته أو ضحلت أو تقورت أو تقعرت، وبعضها انخفض قاع حفرته عن مستوى الأرض بظاهر الجبل، وبعضها قاربه أو علا عنه كأنه فنجان امتلأ، وتعزى أصول هذه الجبال الفوهية القمرية إلى مثل أصول البراكين الأرضية، ومنها ما يركب بعضه بعضا كما تعلو الحلقة الحلقة ولا تطابقها، فيقال إن الأوطأ كانت بسبب انفعال باطني أقدم
ويميز الإنسان على سطح القمر عدا ما فات أخاديد مستقيمة تستطيل في الوديان في اتجاه واحد فإذا انحرفت عنه فعلت ذلك بغتة وسارت في استقامة جديدة، فاذا اعترضها جبل فوهيّ قطعتهن فهي أجدُّ منه ولادة، وإذا اعترضها جبل عصى فقطع اطرادها ظهرت وراءه دون أن يختلف مسارها. أما طول الأخدود الواحد فقد يبلغ المائة ميل، وأما عرضه فقد يزيد على الميلين، وتعزى هذا الأخاديد فيما تعزى إلى انشقاقات حصلت في السطح وهو يبرد وينكمش
وتتميز على سطح القمر أيضاً شعاعات تخرج من فوهات الجبال فتمتد مئات من الأميال لم يهتد الفلكيون بعدُ كل الاهتداء إلى تفسيرها
وكلما تقدم البحث في القمر وزادت معرفة الإنسان بأحواله خاب الرجاء القديم في العثور على أثر من آثار أناسيّ مثلنا تسكن القمر. بالطبع لم يكن مرجواً أن نرى شخص إنسان على القمر لقصور أجهزتنا الضوئية عن إدراك ذلك، ولكن تلك الأجهزة تتبين على سطح القمر أشياء تقل أطوالها عن نصف ميل، وإذن فلو كان على القمر ناس يسكنونه وفاتتنا رؤيتهم فلا أقل من أن نرى آثارهم، فالمدن لابد أن تكبر عن نصف ميل، وهي لا شك