بالخشبة بباب فلا يراهم النظارة حين ينتهون من أداء أدوارهم - ومن الظريف أن حجرة الممثلين هذه كانت بأعلى التياترو!، وكان لها سلم لولبي لكي لا يشغل حيزاً كبيراً، كما كانت إلى جانيها حجرة المؤذنين الذين يدقون الطبول إيذاناً ببدء التمثيل. وكان الصوان كبيراً جداً بحيث يتسع لثلاثة آلاف من المتفرجين!
ونعود إلى المسرح الأول - التياترو فنذكر أنه لما رفض صاحب الأرض تجديد عقد الإيجار، اضطر بربيدج إلى فك أخشاب مسرحه ونقلها مع جميع أدواته الأخرى إلى الشاطئ الآخر من النهر، في سوثوارك حيث أنشأ مسرح الجلب العظيم سنة ١٥٩٨ - وكان عمر شيكسبير إذ ذاك أربعا وثلاثين سنة بينما كان عمره عند إنشاء المسرح الأول اثنتي عشرة سنة فقط
أما هذا المسرح الثاني (الجلوب)، فقد كان من خارجه سداسي الأضلاع، أما من الداخل فكان مستديراً، ولم يكن مسقوفا إلا من فوق أبهائه التي كانت تذكر بأبهاء الفنادق، وكانت هذه مغطاة بنوع من القش المعروف عندنا بالسمار، وهو الذي تصنع منه الحصر؛ أما البت - أي خشبة المسرح، فقد كان موضعها في الوسط على ارتفاع أربعة أقدام، ولم تكن حولها مقاعد من نظارة الذين كان شيكسبير يسميهم وكان عليهم أن يقفوا طول وقت التمثيل - أما نظارة الأبهاء (البناوير والألواج) فقد كانت لهم مقاعد خشبية، كما كانت توجد مثل هذه المقاعد أيضاً فوق خشبة المسرح نفسها، وكان فرق ما بين الواقفين والجالسين هو أن يدفع هؤلاء ستة بنسات أكثر على أن يسمح لهم بشرب الجعة (البيرة) والتدخين بالغلايين. وكانت هذه الطبقة المنتفخة الممتازة تسمى طبقة ال وكان منها عدد من الشباب الظريف المثقف يجلس هناك مجلس الصحافي المسرحي، لينقد المناظر والإخراج وأداء الممثلين في فترات الاستراحة بين الفصول. وكان التمثيل يبدأ عادة حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، وكانت تسبقه ثلاث دقات تنبيهية بالطبلة النحاسية (الترمبيته) وكانت البرامج تطع بالمداد الأحمر إذا كانت التمثيلية مأساة، وإلا فبالمداد العادي. ولم تكن هناك أية مناظر في أول الأمر. ولم تكن ثمة أية عناية بالتوزيع الضوئي. وكانت السبورة أو لوحة الإعلانات تقوم مقام المناظر بكتابة أسمائها عليها كما ذكرنا. ولشارلز لامب في ذلك تسجيل أدبي رائع من شعره الظريف. وكانت الأدوار النسائية تسند إلى ولدان من