وقالت إنجلترا بعد رفع الحماية (الكلمة الآن لمصر) فنشر الههياوي رسالة بعنوان:
(الكلمة لمصر، ولكن ليس لمصر أن تتكلم)
وهي رسالة شرح فيها ما كانت تعاني مصر بسبب الاحتلال
وكان المنفلوطي هدفاً للناقدين في أوج شهرته الأدبية، ولكن الهيياوي تفرد برسالة طريفة سماها (قصص المنفلوطي) وسيكون لها مكان حين يؤرخ النقد الأدبي في هذا الجيل
وأول كتاب نشره الههياوي هو (الفرائد) وهو مجموعة ما كتب في مطلع صباه، ولو رجعنا إليه لرأيناه على سذاجته صوراً تشهد بحيوية الإحساس ويقظة الوجدان
أخي الأستاذ الههياوي
أفي الحق أنك مت وأني لم أجدك إني حاولت أن أراك؟
لا يتعبني أن أتحيز لك فأختلق محاسن لم تكن فيك، وإنما يتعبني أن أبرز محاسنك الأصيلة على الوجه اللائق بمكانها الرفيع
أفي الحق أننا لن نلتقي في الدنيا مرة ثانية، ولن نقضي أياماً كالأيام التي قضيناها في سنتريس بين الزهر والقمر والماء؟ أفي الحق أننا لن نتصاول بالعقول كما كنا نصنع عند التلاقي؟
تلك أيام خلت، ولن تعود، فعليك وعليها تحية الشوق الذي لا يموت
لو رأيت فيك ما يعاب لخف حزني عليك، ولكني لم أرك إلا روحاً أرق من الزهر وأقسى من الزمان، وتلك هي الخصيصة الأساسية لأحرار الرجال
كنا صديقين، وكنت أنت الأكرم والأطيب، فكيف أجزيك وقد ضاعت فرص الجزاء؟
وهل تنتفع بكلمة في رثائك وقد مضيت إلى نعيم لا يعادله نعيم؟
أن موتك دليل على خلود الروح، فما يجوز في نظر العقل أن تكون نهايتك هي النهاية، وقد قضيت حياتك في شقاء بسبب الحرص على صدق الوطنية وصدق اليقين
هل تعرف (ههيا) أنك نقشت اسمها على جبين الزمان؟ وهل تعرف (مصر) أنها فجعت فيك؟ وهل تعرف قيثارة الشعر أنها فقدت وتراً كان غاية في حنان الرنين؟
هذا ما أملك في رثائك، أيها الصديق الغالي، وهو أقل مما يجب لك، وعلى عهد الله أن أشيد بذكراك إلى آخر الزمان