للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بين المدارس والكليات

بدت في هذا العام ظاهرة تستحق التسجيل، لأنها لم تقع من قبل، وهي تأخر المدارس عن الكليات في العودة إلى استئناف الجهاد. ومحاربة الجهل أشرف ضروب الجهاد

أيكون ذلك لأن الطلبة أقوى من التلاميذ؟ أيكون ذلك لأن الأساتذة أحرص من المدرسين؟

لا هذا ولا ذلك، وإنما هي فرصة أتاحها القدر لنعرف كيف أسرفنا في استعجال الناشئين إلى ساحات النضال

الطالب في الكلية غير التلميذ في المدرسة، فالأول جاز دور التكوين الجسماني، فعليه أن يحمل الواجب في صدره وإن كان في إجازة رسمية. أما التلميذ فلا يزال جسمه في دور التكوين، وراحته من متاعب الدرس تعود عليه بالنفع الجزيل

الطالب يعود إلى الكلية وهو على بينة مما سيدرس، فهو يعود جذلان، أما التلميذ فيجهل ما سيعاني من مصاعب الدروس، لأنه تلميذ، والمنهاج يفرض فرضاً على التلميذ

والأستاذ بالكلية غير المدرس بالمدرسة، فالأول يضع بنفسه موضوعات الدروس كما يشاء، وفي حدود ما يطيق، أما الثاني فيواجه موضوعات يوجبها (الجدول)، وقد يكون فيها ما ألقاه بالنص والفص عدداً من السنين

أما بعد فماذا أريد أن أقول؟

أنا أريد النص على أن الإجازات ليست من الأوقات الضوائع، كما يتوهم بعض الناس، وإنما هي مواسم لتكوين الأبدان والأرواح والأحاسيس، وتلاميذ المدارس أحوج إليها من طلبة الكليات، وما وقع في هذه السنة وقع بالمصادفة، ولكني أحب أن يكون واجباً نراعيه في الأعوام المقبلات

هل تذكرون أن إجازات المدارس الأولية زادت في هذا العام عن ثلاثة أشهر، وأن ناساً عدوها ترفقاً خرج عن الحدود؟

أنتم تذكرون هذا، ولكنكم تنسون أن الأطفال بالمدارس الأولية كانوا يعودون إلى الدروس في شهر أغسطس وهو (آب، اللهاب)، كما يسميه أهل الشام والعراق

ترفقوا قليلا بالأطفال، واذكروا أنهم في عهد التكوين، وأن راحتهم من الدروس غذاء يفوق كل غذاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>