للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بن الوليد. . . فقال، لا. . . إنني أحفظ ديوان مسلم ولا أعرف أنه قالهما. . . فقلت: هما إذن للعباس بن الأحنف. . . فقال: ولا للعباس يا خشبة. . . فقلت: هما لي إذن وأنا ناظمهما. . . وهنا ثارت في الفصل عاصفة شديدة من الضحك، وأصر إخواني الطلبة على أن يسمعوا القصيدة كلها، فأبيت، واستنجدت بالزيات العظيم. فلما سألني: وماذا يمنعك؟ أسررت إليه أن معظم القصيدة في الأدب المكشوف الذي أستحي أن أنشده. . . فاستطاع حفظه الله أن يصرف شياطين طلبة (الإعدادية!) عني

ولم تحصل طبعاً موازنة بين ما قلت وما قال جرير الخالد الذي لا يعقل أن يطاوله فتى في السابعة عشرة من عمره

ومما كانت ذاكرتي تضطرب به اضطراباً شديداً هذا الحادث الذي وقع لي مرة مع أحد أساتذة اللغة العربية بالمدرسة، فقد كان هذا الأستاذ يدرس لنا الأدب قبل أن يعوضنا الله منه بالأستاذ الزيات، وقد كنت دائم الاختلاف معه خصوصاً في كثير من تعبيراته العربية، وقد ظن الأستاذ أنني أستخف بمحصوله العلمي فرفع الأمر إلى ناظر المدرسة الذي تعجل فانتهرني على صورة من الصور. . . وقد لنت للناظر ولكن لا على حساب كرامتي؛ ثم رجوته أن يحكم في أوجه الخلاف الأستاذ الزيات وقد عرفت أنه أخذ باقتراحي، لأن المدرسة عهدت بعد أسبوع أو نحوه بالفصول (الصغيرة) إلى الأستاذ، وفوجئنا مفاجأة سارة بدخول الأستاذ الزيات ليدرس لنا مادة الأدب علاوة على المواد العربية الأخرى كلها

وكلفنا الزيات مرة بالكتابة عن المرأة المصرية، ماضيها وحاضرها ومستقبلها. ثم انتهت الحصة ولم أفرغ من الكتابة بعد وإن كنت قد كتبت اثنتي عشرة صفحة. فلما كانت الحصة التالية تقدمت إلى أستاذي الجليل بكراستين كاملتين في موضوع المرأة المصرية. ولما سألني متى كتبت كل هذا (الهراء!) عبست العبوسة الهائلة التي كان لابد لغرور التلميذ المراهق أن يعبسها، ثم قلت: ليس ما كتبت هراء، ولكنه ملخص دعوة قاسم بك أمين، وما رد به المحافظون والرجعيون عليه، وعلى رأسهم محمد طلعت حرب بك. . . ثم يلي ذلك رأيي، (أي والله قلت هذا بالفم الممتلئ المتهدج!) بصفتي مصرياً أولاً وبصفتي مسلماً ثانياً. . . وكنت أحبذ آراء المرحوم قاسم بك في ذلك الحين إلى حد الجنون، ولا أرى فيها ما ينافي الدين ولا الكرامة ولا الحشمة. ولكن الزيات تبسم في هدوء وسكينة ثم قال: لا بأس،

<<  <  ج:
ص:  >  >>