للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من التحفظ والاختفاء، ولكن الهرب من غضب الله لن يتيسر، ولو اعتصم الهارب الأثيم بشعاب الجبال

اصدق مع الله لتذوق نعيم الصدق، ولتؤمن بأن كل شيء ما خلا الله باطل وأن رضاه أنفس من جميع الحظوظ

بين الأدب والحياة

كنت اليوم مقسم الفكر بين شجون من الأحاديث لا يتصل بعضها ببعض إلا برباط ضعيف، فأحاديث الصبحية كانت خاصة بمشكلات التعليم، وأحاديث الظهرية كانت تدور حول الزراعة، وأحاديث العصرية كانت حواراً بيني وبين أبنائي في مسائل منوعة الفنون، وأحاديث العشوية دارت في مكان لا تدور فيه الأحاديث إلا ممزوجة بالنجوى الرقيقة بين روح وروح. ثم كان الحديث مع الصديق الذي لقيني مصادفة وأنا راجع إلى داري، وهو حديث لم يطل، فقد انتهى في دقائق، ولكنه ترك في نفسي أشياء!

لو دونت هذه الأحاديث كلها لكانت ثروة أدبية، ثروة حية كل الحياة، لأنها مقبوسة من جمر الحياة، فمتى نجعل الأدب تصويراً لما نرى ونسمع وندرك في اللحظات التي تستيقظ فيها الحواس، أو الأيام التي تكثر فيها التجاريب؟

لو تحدثنا بصراحة عن المشكلات التي تحيط بنا في كل يوم لساد التجاوب المنشود بين القارئ والكاتب، ولأصبح الأدب تعبيراً صحيحاً عن المتاعب التي تساور هذا الجيل

إننا لا نملك الفرار من روح العصر، مهما تعالينا عليه، فلنا صلات يومية مع القصاب والخباز والبقال، ومن إلى هؤلاء من أصحاب الحرف والصناعات، ولنا صلات بمن نراهم في الطريق كل يوم، ولو كانوا في الظاهر من المجاهيل

جزئيات!

هي جزئيات مضحكة في نظر القارئ الذي لا يرى للأدب حياة في غير الحديث عن النجوم والأزهار والرياحين، ولكن لها مغازي تستحق الشرح والتوضيح، وتستأهل اهتمام الأديب الحصيف، وإليك طائفة من هذه الجزئيات

١ - من النادر أن يقدم راكب الترام ثمن التذكرة إلى التذكري بدون أن يحوجه إلى الباقي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>