فطبعتها المدرسة لحسابها الخاص ومثلتها فرقة التمثيل بها
ونحن يسرنا أن نسجل هذا كله لفائدة تاريخ الأدب العربي الحديث، وتاريخ الأدب المصري بنوع خاص
وقبل أن نتناول الدرامة بشيء من التلخيص أو التحليل أو النقد نثبت النادرة، أو الفكاهة الأدبية التاريخية التالية:
عندما فرغ الأستاذ أبو حديد من نظم روايته، أو كتابتها كما يقول هو، حملها معه، وانطلق بها كأنه وقع على لقية، أو اهتدى إلى الأكسير الذي أضنى كيمائيي العرب، حتى إذا بلغ جريدة الأهرام، دخل على الأستاذ الأديب المغفور له صادق عنبر فحدثه حديثها، الذي هو حديث الشعر المرسل، ثم استأذن الأستاذ في أن يتلو عليه بعض مناظرها. . . ثم انطلق في هذه التلاوة، وعنبر عليه رحمة الله مصغ له. منصت إليه. . . وقد خيل إلى الأستاذ أبي حديد أن الأديب الكبير غفر الله له ما تقدم من ذنبه - وما تأخر أيضاً - قد أخذ فعلاً بجمال هذا اللون الغريب من ألوان الشعر، واستولى على نفسه سحره؛ فلما فرغ الشاعر الشاب من تلاوته، التفت إليه الأديب العتيد وتبسم قائلاً أتدري يا أبا حديد؟ إن مصر لم تكسب من هذه الحرب الكبرى غير شيئين. . . الشعر المرسل. . . والحمى الإسبانيولية! وكانت الحمى الإسبانية قد تفشت عقب تلك الحرب في مصر حتى أذاقت أهلها الأمرين!
ولست أدري لماذا نجوت أنا من براثن تلك الحمى التي أشفيت بسببها على الهلاك إذ ذاك، ولماذا عشت إلى سنة ١٩٤٣، لأدعو من جديد إلى الشعر المرسل، توأم الحمى الإسبانيولية وصونها في نظر المغفور له الأستاذ صادق عنبر؟!
ترى. . . ماذا كان وقع هذا اللقاء في نفس الأستاذ أبي حديد؟ ولكن لماذا نسأل؟. . . لقد مضى ينظم من الشعر المرسل الذي يتخلله بعض الشعر المقفى تلك الأوبريت الجميلة الرائعة (ميسون الغجرية) والتي طبعها على حسابه هو، لا على حساب مدرسة كذا أو معهد كذا أو لجنة كذا من لجان التأليف. . . ثم مضى يترجم ثم ينظم ملحمة زهراب ورستم التي استأذن القراء فأقول إني أكاد أحفظ أصلها الإنجليزي عن ظهر قلب لروعة أسلوبها وجمال تسلسلها وبهاء شعرها المرسل المنظوم بقلم ماثيو أرنولد الشاعر الناقد العظيم! وقد فرغ أبو حديد من نظمها شعراً مرسلاً سوف أعرض نماذج منه في حينه