ونقف بعد ذلك لحظة. . . لقد ذكرت في الثبت الذي وضعته بين أيدي القراء في صدر هذا المقال للأستاذ أبي حديد، درامة خسرو وشيرين، ولست أدي لماذا صنعت هذا دون أستأذن الأستاذ في ذلك، إذ أنه نظم الدرامة وأعدها للطبع. . . ثم طبعها بالفعل. . . وأصدرها دون أن تحمل اسم مؤلفها!. . . إذن لماذا أذيع أنا هذا الاسم دون استئذان؟ هل صنعت ذلك دون وعي، أو أنا إنما صنعته خدمة لتاريخ الأدب المصري الحديث؟
ثم نتساءل بعد هذا لماذا لم يثبت الأستاذ أبو حديد اسمه على روايته؟ قد تجد من ذلك الذي نقتطفه من المقدمة جواب هذا السؤال:(. . . وأما إذا أنت صبرت أيها القارئ، فقرأت سطران أو سطرين أو ثلاثة من هذا المطبوع ثم قذفت به حيث أردت لم تكن في ذلك بالمعذور، بل كنت متفضلاً مضحياً من أجل مجاملتي، مع أنك لا تعرف من أنا، وفي هذا أدب عظيم وكرم مطبوع. وأما إذا كنت قد بلغت من قوة ضبط النفس ورياضتها على المكارة بحيث استطعت أن تثبت على القراءة حتى أتيت إلى آخر كلمة، ثم تركت لنفسك العنان بعد طول كبحها وحبسها فانطلقت تصخب وتشتم وتنادي بالويل والثبور - إذا فعلت ذلك كنت في نظري بطلاً من أبطال العزيمة وقوة الاحتمال. على أنك لو فعلت ذلك لم يمسسني منك أذى، وإن بلغت في ثورتك مبلغاً مخيفاً لأن قد توقعت مثل ذلك فأخفيت نفسي حتى لا تتحرج فيما تفعل. . . . . . فأفعل ما بدا لك أيها القارئ ولا تتورع فإن أحجارك أو سهامك لن تصل إلي!)
ولا بد لنا من أن نقتطف القطعة التالية أيضاً
(وأما إذا كنت يا أخي - ولا مؤاخذة - ممن في ذوقهم شذوذ عن المألوف مثلي فاستحليت من هذا القول ما يمر في الأذواق أو أعجبك منه ما يقبح في الأنظار فلك رثائي وعطفي، فالمريض يعطف على مثله! ومن آية رثائي لك وعطفي عليك أنني أنصحك نصيحة أرجو أن تقبلها. . . فقد تعرضت قبلك من جزاء شذوذي عما ألفه الناس لكثير من الألم والفشل؛ فأحذرك من إظهار رأيك - (أي في استحسان الشعر المرسل! - أمام أحد من الناس ولو كان من أعز أصدقائك، فالصداقة قد لا تقوى على الثبوت مع الشذوذ في الرأي والذوق. . .))
لماذا يا ترى يتحرج صاحب مذكرات جحا! - (وهذه غلطة عظيمة أخرى نغلطها من دون