وعي) - كل هذا التحرج ويتأثم كل ذلك التأثم؟! هل يتحرج كل هذا التحرج، ويتأثم كل ذلك التأثم، لأنه كما يقول شذ عن مألوف الناس في نظم الشعر، وثار بقوافي العروض العربي، فتعرض لكثير من الألم والفشل؟. . . ولكنا نسائل أنفسنا عن هذا الألم وذاك الفشل أين هما؟ وإن كان أبو حديد قد تعرض للكثير منهما فما باله لم ينصرف عن هذا الشعر المرسل الثقيل الغث الذي يعرض ناظمه - أو كاتبه - لألوان مرة من الألم، وصنوف كثيرة من الفشل؟ ما باله لم ينصرف عن هذا البلاء الذي يؤمن بأن قراءة سطر أو سطرين منه كافية لأن تضع الحصى في يد القارئ فيحصب به الناظم أو الكاتب لو رآه؟ ما باله يطول جنينه إلى هذا النظم السمج النابي على الأذواق فيكتب به كل تلك الروايات وينظم منه هذه الملاحم التي يعترف بأن قراءة سطر أو سطرين منها تضحية من القارئ وأدب عظيم وكرم مطبوع السخاء نفس وتفضل. . . وإن القارئ إذا خرج بعد قراءة هذا وسطر أو هذين السطرين عن طوره فقذف بما نظم أبو حديد من حالق أو قذف به في نار جهنم أو نار المدفأة أو مزقه أو ألقى به من النافذة أو دفعه إلى الأطفال يعبثون به، فهو معذور لا تثريب عليه، لأن أبا حديد زعم له بأنه صاحب نظم جديد وصاحب رسالة جديدة - صاحب نظم جديد هو هذا النظم المرسل الذي لم يعرفه الذوق العربي فضلاً عن أن يألفه، وصاحب رسالة جديدة هي توسيع مودة الأغراض التي يجب أن يتسع لها أفق الشعر العربي والأدب العربي جميعاً فتكون لنا درامة عربية وتكون لنا درامة عربية منظومة، وتكون لنا درامة عربية منظومة كما ينظم الشعراء العباقرة في أوربا. . . إذا لم يكن من ذلك بد، فلا بد أن نقحم الشعر المرسل على الشعر العربي إقحام، ولا بد أن نصعر خدودنا للناس وأن نلح عليهم في قبول هذا الشعر المرسل حتى يعرفوه وحتى يألفوه وحتى يغرموا به كما عرفه الأوربيون وألفوه وأغرموا به من القرن السادس عشر إلى اليوم. . . لا بد أن نقحم الشعر المرسل على الشعر إقحاماً، ويجب أن نصعر خدودنا معشر الشعراء للناس، ويجب أن نتحمل أذاهم مهما يكن مبلغ هذا الأذى. فما حصوات نرجم بهن مرة أو مرتين، وما كلمات من سباب لن يمتلئ بهن الهواء قط توجه إلينا هنا أو هناك؟ سنلح عليهم كما ألح أبو حديد، فإذا بلغ سخطهم علينا حد القتل، لا قدر الله، فلنمكر بهم كما مكر، ولنمضي في سبيلنا من حيث كتابة الدرامات والملاحم المنظومة بالشعر المرسل ولنطبعها لهم