للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنعبث بالناس جميعا، ونكيد لهم جميعا، ونخدعهم جميعا ساعة من نهار، أو يوما من أسبوع. قال بل أشهرا كاملة من عام كامل، بل عاما كاملا من أعوام طوال، فحدثيني من تكونين أحدثك من أكون. واعلمي منذ الآن إني اكره ترويع الناس والعبث بعقولهم، فان الرجل الممتاز حقا هو الذي يحسن العبث بعقول معاصريه، فان استطاع مع ذلك أن يعبث بخيالهم وآمالهم وأيديهم وجيوبهم، فهو الرجل العبقري حقا. فحدثيني من تكونين أحدثك من أكون. فقد يخيل إلي أن سيكون لهذه الساعة في حياة الناس شأن. قالت وهي تبتسم ابتساما عريضا، وأنا أيضا أرى هذا. فهل سمعت شيئا من حديث تلك المملكة التي امتلأت بذكرها كتب القصص والتاريخ؟ قال أي مملكة تريدين؟ فما اكثر المملكات اللاتي ملأ ذكرهن كتب القصص والأدب والتاريخ. قالت في شيء من الدل، وهذا العرف الذي يملأ الجو من حولك، والذي يكاد يذهلك، لولا انك رجل ممتاز لا يعرف الذهول إليه سبيلا، ألا يدلك على شيء؟ قال بلى! انه يدلني على انك قد سريت من الشرق، فهذا العرف لا عهد لي بمثله إلا في كتب القصص والتاريخ. ألا تكونين قد أقبلت من بلاد اليمن، تلك التي تحدث عنها القدماء والمحدثون؟ قالت قد عرفتني، فأنا جنية من ارض اليمن، أقبلت اعبث ببعض أهل الغرب، وابحث للجن اليمانيين عن بعض الفرائس، فظفرت بك، قال بل وقعت في يدي، فمن أي بلاد اليمن أقبلت؟ قالت من تلك المدينة العظيمة التي كانت تملكها تلك الملكة القديمة العظيمة. قال ملكة سبأ؟ قالت هي هي!: قال وعلام نستطيع أن نتفق؟ قالت على أن نعبث بالناس شيئا. ثم نهدي إليهم بعد ذلك ما يعوضهم من هذا العبث احسن تعويض. ثم اتصل الحديث بينهما وانقطع، ثم اتصل مرة أخرى وانقطع، ثم اصبح الناس وإذا الأديب الفرنسي ملرو يمر بالقاهرة في طيارة قد أنشئت له، فيقيم في القاهرة يوما وبعض يوم، ثم يفارقها، ثم تمضي أيام ثم يخفق البرق بأنه قد استكشف مدينة سبأ في اقل من تسع ساعات!. طار من جيبوتي فعبر البحر ثم مضى حتى انتهى إلى الربع الخالي، وكانت صاحبته الجنية قد سبقته وضربت له موعدا في تلك العاصمة الجميلة، ورسمت له الطريق التي يجب عليه أن يسلكها رسما دقيقا صادقا، فلما انتهى إلى موعده صور من المدينة ما صور، لم يهبط إلى الأرض، ولكن جنيته صعدت إليه، ودلته على اجمل المناظر واجدرها أن يخلب الناس ويسحر ألبابهم. ثم عاد إلى باريس وقد سبقته إليها الأنباء. والناس من

<<  <  ج:
ص:  >  >>