قال في كتابه (مستقبل الثقافة): إن عقلية مصر عقلية يونانية، وإنه لابد من أن تعود مصر إلى احتضان فلسفة اليونان.
وأقول إن الأفضل أن يعترف الدكتور طه بأن الفلسفة اليونانية منقولة عن الفلسفة المصرية، وإذن يكون تقبل مصر لفلسفة اليونان ترحيباً بآراء مصرية رجعت إلى أهلها بعد طول الشتات
طفولة الإنسانية
أفي الحق أن العقل الإنساني لم ينضج إلا في القرن الرابع قبل المسيح؟ هذا سؤال لم يخطر للدكتور طه في بال
العقل الإنساني نضج ونضج قبل الوثنية اليونانية بأزمان وأزمان، وكان مصدر نضجه في مصر التي سبقت اليونان بأجيال وأجيال
وأقول مرة ثانية إني لا أتعصب لبلادي، فليقل من يعرف أكثر مما أعرف إن مصر سبقت إلى إذاعة الفكر والعقل عند القدماء، على شرط أن يقدم البراهين
أنا لا أوجب نظرياً أن تكون مصر أول أمة رفعت أعلام الحضارة الإنسانية، فمن المحتمل أن تكون سبقت بأمم سكت عنها التاريخ، ولكن التاريخ المكتوب يحدثنا أن مصر أول أمة رفعت أعلام الحضارة الإنسانية، فما الذي يمنع من أن يتلطف الدكتور طه فيقول كما تقول الوثائق بأن مصر سبقت اليونان إلى رفع قواعد المدنية في أقدم عهود التاريخ.
أنا لا أبتكر وإنما ألخص ما قرأت، بدون أن أزعم أني أقدر من الدكتور طه على التلخيص، وإن كان من حقي أن أزعم أني قرأت أكثر مما قرأ في تاريخ تلك العهود
اليونانيون تلاميذ المصريين، والبلاد المصرية في جميع الأزمنة أخصب من البلاد اليونانية، بدليل أن مصر كانت الملاذ لليونان في الفكر والمعاش، ولم يثبت يوماً أن مصر احتاجت إلى الاستظلال بظلال اليونان
والتاريخ القديم يؤيده التاريخ الحديث
لم تستطيع اليونان بعد ظهور الإسلام أن تكون أمة تسيطر على الشرق أو الغرب، وهي قد جهلت تاريخها القديم وجهلت مبادئ فلاسفتها القدماء، وجهلت أيضاً لغة سقراط، فمجدها رهين بتعصب أنصارها من الأوربيين