فيأمرها أن تكف، ثم يرفع كتاب الله. . . القرآن الكريم. . . في وجه الثائر ويقول له:
إن عندي شاهداً لا يكذبُ
أترى هذا الكتاب؟!
فترتعد فرائص الرجل ويولي الأدبار. . . ثم يدخل متآمر ثالث قائلاً:
لن أضيع الوقت في قول طويل
خوف أن تسحر قلبي بحديثك
ثم يهوي بسيفه فيتلقاه عثمان بيده فيقطعها، ثم يهوي عليه فيقتله غير حافل بدفاع نائلة. . . ثم يحاول قطع رأسه فتدفعه نائلة، فيمضي لشأنه، وتقف نائلة تبكي زوجها وترثي أمير المؤمنين هذه هي مأساة عثمان صفي رسول الله الذي جاهد في الله بماله وجاهه وروحه ويده. . . اختارها أبو حديد الشاب سنة ١٩١٨ ليفتح بها ثورته على تقاليد ألفين من السنين. . . أو عشرين قرناً من السنن العتيقة التي فرضها علينا القوافي العربية الصارمة. فهل وفق أبو الحديد في هذه المحاولة؟
لقد اختار أن ينظم من (الرمل): فاعلاتن فاعلاتن فاعلن - وهي التفعيلات السائدة في الشطر الأول لهذا البحر، ثم هو لم يستغن عن تفعيلات الشطر الثاني (العجز)، فكان يأتي في مكان فاعلن الأخيرة بكل التفعيلات التي يبيحها عروض هذا البحر، فهو يستعمل فاعلاتن وفاعلان وغيرهما مما لا يتنافر وموسيقى الرمل السهلة اللينة التي تيسر للناظم عمله في غير التواء ولا تعقيد. وسنرى عند عرض درامتيه الأخيرتين، ميسون - وخسرو وشيرين - أنه ترك هذا البحر ونظم من (الخفيف) =فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن: وسنرى كذلك إلى أي حد وفق في استبدال هذا البحر بذاك. على أننا نتساءل ما الذي منع أبا حديد من أن يلون في استعمال البحور العربية الأخرى. لماذا لم يستعمل المتقارب الموسيقي الجميل، ولماذا لم يجرب الطويل السهل الذي هو أقرب البحور إلى النثر مع امتيازه بطول النفس؛ ولماذا غض من قيمة الوافر والكامل والبسيط والسريع وغيرها من بحور عروضنا الفنية الموسيقية ذات الطنين وذات الرنين. إن الشعر المرسل في حاجة ماسة إلى ما يعوضه عن القافية موسيقى بموسيقى، وأنغاماً بأنغام
للأستاذ رأيه على كل حال، وإن كنت أوثر ألا يقطع شاعر في بحر برأيي حتى يجرب