مسرحيته (أهل الكهف) من مصير على يد الفرقة القومية وفي دار الأوبرا الملكية. . . لقد قالها الأستاذ توفيق في شيء يشبه المرارة. . . وهو مخطئ في زعمه هذا. . . فأهل الكهف كتبت لتكون من أروع آيات الأدب المصري الحديث، وقد أثبتت وجودها بالفعل، ولسوف تخلد على وجه الزمان قطعة فنية قوية أنشئت للقراءة وللترف الذهني، ولم تنشأ للتمثيل. . . والذين أشاروا بإخراجها للمسرح هم الذين كتبوا لها هذا المصير. وبهذه المناسبة أذكر أن الأستاذ توفيق أرسل إلي خطاباً يقول فيه:
. . . وجهتم إلي أمس سؤالاً التبس علي وهو: لماذا لم أوجه عنايتي إلى المسرح؟ ولعلكم قصدتم أني لم أعن بإخراج رواياتي على المسارح. . . وهذا حق. . . ذلك أن كتابة القصة التمثيلية نفسها والتأليف المسرحي في ذاته لمن القوالب الأدبية الفنية التي حرصت منذ نحو عشرين عاماً على العناية بها. . . ولقد كتبت ونشرت - كما تعلمون - نحو خمس عشرة قصة تمثيلية أو قوامها الحوار الأدبي. وهي (ثم أورد حضرته أسماءها). . . ثم قال. . . وكل هذه الروايات التمثيلية منشورة في كتب مستقلة وفي مجموعتي (مسرحيات توفيق الحكيم) في مجلدين. أما إذا كان قصدكم معرفة سبب عدم إخراج هذه القصص على المسارح حتى الآن (باستثناء أهل الكهف وسر المنتحرة)؛ فإن الجدير بالإجابة هم القائمون بأمر مسارحنا. . .) وأنا عندما وجهت هذا السؤال إلى الأستاذ كنت أفهم عنه وكان يفهم عني في غير لبس ولا عناء. وإذا كان يريد أن يقول لي إنه عني بالتأليف للمسرح المصري فإني أخالفه مخالفة تامة، مع أنني من اشد المعجبين بأدبه التمثيلي الذي يخرجه في الغالب في شكل حوار لذيذ ممتع، وهو مع هذه اللذة وذلك الإمتاع لم يخرج عن كونه قصصاً تمثيلياً أنشئ للقراءة ولم ينشأ للمسرح. وعندما أكتب فصلاً آخر أو فصولاً أخرى عن (فن توفيق الحكيم) بوصف هذا الفن ظاهرة هامة من أوضح ظواهر الأدب المصري الحديث، فسأفيض في شرح ما أريد الآن إجماله من الناحية التمثيلية في أدب هذا الأستاذ العظيم. . . هذا الأدب الذي شق طريقه بسرعة فائقة في حياة مصر الأدبية الحديثة، حتى احتل مكانه في جلالة وبهاء بين الطليعة من أدباءنا الأمجاد
لقد وجهت سؤالي إلى الأستاذ وهو يفهم عني أحسن الفهم ولا داعي مطلقاً إلى القول بأن هذه القطع الرائعة الخمس عشرة كتبت للمسرح، لأن الكتابة للمسرح شيء آخر غير